مقالات

قانون المالكين والمستأجرين وفوضى التشريعات

في السياسات الحكومية وفي التشريعات يظهر كم تفتقر دولنا ومجتمعاتنا إلى ثقافة المعلومات. وفي ظل شح المعلومات أو تضاربها أو تزويرها أحيانا يلجأ صاحب القرار أو المشرع إلى الانطباع وقراءة المزاج العام، وقد يغرر به وتكون النتيجة في غير صالح العامة. وهو هدف أي حكومة أو مشرع.

مثال بسيط، إحصاء الثروة الحيوانية تطلب من إحدى الحكومات الاستعانة بالقوات المسلحة لإجراء الإحصاء، وفي النتيجة ثمة تشكيك بعدد تلك الثروة التي يبالغ فيها أملا في دعم الأعلاف. تحتار الحكومة في ظل ارتفاع أسعار المحروقات في آلية معرفة مستحقي الدعم وإيصاله لهم. وفي سياسات الدعم ثمة مدرسو جامعات حصلوا على دعم أعلاف، وإلى اليوم تحصل الفنادق والمطاعم الفاخرة على اسطوانة الغاز المدعومة.

في قانون المالكين والمستأجرين تتكرر المشكلة. عندما كتبت عن “المالك الحزين” فوجئت أن كل التعليقات في “_” وقفت مع المالك وكل الاتصالات التي تلقيتها كذلك. وتمنيت أن أعثر في اتصال أو تعليق على حالة إنسانية لمستأجر مهدد بالإخلاء. على العكس المالك هو الذي يمثل حالة إنسانية تتطلب إنفاذ التشريع إنصافا له. وأبسط وظائف الدولة هو تطبيق القانون ولو بالإكراه. لكننا للأسف نجد تراخيا حكوميا في تطبيق القانون، والتفافا على القانون من خلال تشريع جديد يدخلنا في فوضى تشريعية. فالقانون سمته الاستقرار لا التقلب.

يقدر حرص الحكومة والنواب على العائلات المستورة التي سيشردها القانون. لكن دلونا على تلك العائلات وما هو تعدادها، وماذا عن عائلات المالكين؟ لا أدعي أن معرفة ذلك يتم من خلال الاتصالات التي أتلقاها والتعليقات التي تنشرها “_”. أقترح على الحكومة وسيلة بسيطة وفعالة. وهي الإعلان عن مكتب مراجعة في كل محافظة، وتسهيلا على الناس يعلن عن صندوق بريد وبريد إلكتروني. يتقدم المتضررون من المستأجرين الذين ينطبق عليهم الإخلاء ، وهم الذين استأجروا قبل عام 1970 بوثائق تثبت سجلهم الضريبي ودخولهم، وبالتالي عجزهم عن استئجار بديل للبيت المخلى.

تشكل لجنة تفرغ وتبوب المعلومات، وأحسب أن الحالات ستكون محدودة جدا. فجيوب الفقر بحسب الإحصاءات العامة ليست في جبل عمان والحسين واللويبدة ووسط البلد وغيرها من المناطق القديمة. وفي حال وجود حالات إنسانية تتواصل اللجنة مع المالك وتعمل على إيجاد مخرج تصالحي من خلال تعويض معقول للمستأجر المخلى. أو أن يتم رفع الإيجار بشكل ينصف المالك. وتلك تكون في ظل استخدام قوة القانون بالإخلاء ومن دونها لا يمكن للمستأجر أن يتنازل.

هذا بخصوص السكن، أما المحال التجارية والشركات والبنوك فلا حق لها بالاستيلاء على ملك غيرها بالتقادم. وفي ظل العرض والطلب تستطيع أن تقدم إيجارا مقنعا للمالك أو تتركه يستفيد من عقاره. والأسوأ من ذلك الإيجارات الحكومية، فلا يعقل أن تستغل الحكومة المواطن وتستقوي عليه. ولا أدري كيف تبني حكومة مبنى بنحو نصف بليون ثم تعرضه للاستثمار وتتمسك بمبنى مدرسة حكومية آيل للسقوط؟

حتى تكون القرارات والتشريعات صحيحة، لا بد من قاعدة معلومات دقيقة وصحيحة. وهذا ما نفتقده في معظم القطاعات. وبناء تلك القاعدة سيوفر الملايين الكثيرة التي تذهب هدرا. وقانون المالكين والمستأجرين يقع في صلب تلك القاعدة، فتطبيقه سيسهم في توزيع الدخل بشكل عادل، ويسهم في تقوية الطبقة الوسطى. فالبنك الذي يستأجر عقارا قديما لا يتضرر عندما يخلى، في المقابل سينتقل من الطبقة الفقيرة الى الطبقة الوسطى عدد كبير من الورثة. وهذا ما ستكشفه الأرقام، إن وجدت.

هل تريد التعليق؟