مقالات

قطر 2025: ثلاثة في واحد (فلسطين، سوريا، ولبنان)

عام 2025 كان عامًا استثنائيًا للدبلوماسية القطرية التي حصدت فيه ثلاث جوائز سياسية كبرى في ملفات معقدة: فلسطين، سوريا، ولبنان. على الرغم من الحملات الشعواء التي شُنّت عليها، وخصوصًا من اللوبي الصهيوني، بعد السابع من أكتوبر.

الجائزة الأولى: فلسطين وقف إطلاق النار في غزة

ظلّت قطر في مقدمة الداعمين للقضية الفلسطينية، سواء من خلال توفير الدعم المالي والتنموي لغزة والضفة الغربية أو عبر جهودها الدبلوماسية. تبنت الدوحة موقفًا صلبًا منذ البداية، لخصه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في عبارة عفوية وصفها بـ”المرجلة”.

توازى خط المرجلة المبدئي مع خط سياسي مرن قادر على فك النشب وحل العقد وجمع الأعداء قاد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني المتمرّس في التفاوض معركة على عدة جبهات، على مدى 15 شهرا انتهت بنجاح الصفقة، تمكّن من قيادة الدفة وسط أمواج متلاطمة برصيد ثقة من جميع الأطراف .

شنّت حملة شعواء من اللوبي الصهيوني على قطر بوصفها داعمة ل ” إرهاب “حماس وهي التي تستضيف الحركة منذ 1999 وبعدها في 2012، وتقدّم الدعم السخي لغزة تماما كالضفة . ذلك كله لم يفتّ من عضدها، وظلّت الدوحة تستقبل على مدى عام قيادات حماس تماما كقيادت السي آي إيه وكالة المخابرات المركزية الأميركية والموساد والشاباك وغيرهما وأخيرا مبعوث ترمب الذي كان القشة التي قصمت ظهر نتنياهو . وخرج الحل خلافا للمتوقع انتصاراً لفلسطين والمقاومة وحماس وهزيمة لنتنياهو . وهو ما دفع جميل السيد مدير الأمن العام اللبناني الأسبق وأبرز حلفاء حزب الله إلى التساؤل علانية ، لماذا اتفاق حماس انتصار واتفاق حزب الله هزيمة!

الجائزة الثانية: سوريا

ملف سوريا كان من أبرز محطات النجاح الدبلوماسي القطري. منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، كانت قطر الداعم الأبرز للثورة والشعب السوري.

  • رفضت الدوحة أي شكل من أشكال التطبيع مع نظام الأسد، ورفض أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إل ثاني الاجتماع ببشار الأسد رغم الكثير من الوساطات . واستمرت بدعم الثورة السورية بوصفها حراكا شاملا يمثل إرادة الشعب بكل أطيافه.
  • ودعمت قطر المعارضة السورية سياسيًا ودبلوماسيًا، إذ افتتحت أول سفارة للائتلاف السوري في الدوحة، واستمر علم الثورة يرفرف في الدوحة وحيدا في عواصم العالم لمدة 14 عامًا.في وقت أعادت كثيرا من الدول علاقتها مع بشار الأسد، واستضيف في القمة العربية .
  • كما قدمت دعمًا ماليًا وإغاثيًا وعسكريًا هائلًا، إلى جانب دورها في توثيق الانتهاكات، بما في ذلك تمويلها توثيق صور قيصر التي كشفت جرائم النظام السوري.
  • ومع انتصار الثورة السورية في ديسمبر 2025، اعترفت مباشرة بالتغيير رغم العقوبات الدولية والإشكالات، وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري كان أول مسؤول دولي يزور سوريا بعد الثورة، وتبعه رئيس الوزراء وزير الخارجية، ليصبح أول رئيس وزراء في العالم يزور دمشق. وقدمت امبادرات القطرية لإعادة إعمار سوريا ودعم استقرارها.

الجائزة الثالثة: لبنان

في لبنان، أكدت قطر مجددًا دورها داعما لاستقرار البلاد.وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بلبنان، كانت قطر الداعم الوحيد للجيش اللبناني بقيادة العماد جوزاف عون، إذ قدمت دعمًا ماليًا كبيرًا لتأمين رواتب الجنود، إلى جانب تزويد الجيش بالوقود والغذاء، مما مكنه من البقاء متماسكًا رغم الظروف الصعبة.و استضافت الدوحة قائد الجيش اللبناني ، وفي نهاية المطاف، انتخب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية،

  • طوال هذه الفترة، حافظت قطر على علاقات ممتازة مع جميع الأطراف اللبنانية، وهي العلاقات التي تعود جذورها إلى اتفاق الدوحة عام 2008 ودورها خلال حرب تموز وما بعدها.
  • في عام 2025، أكدت قطر عبر دبلوماسيتها الناجحة قدرتها على لعب أدوار محورية في أصعب الملفات الإقليمية. سواء في غزة، سوريا، أو لبنان، أثبتت الدوحة أن الالتزام بالمبادئ والثوابت العربية مع المرونة الدبلوماسية يمكن أن يحقق إنجازات ملموسة ، تخدم قضايا الأمة و تعزز الاستقرار الإقليمي، وتكسب احترام العالم.وتنال مكانة تستحقها تفرق مساحتها ووزنها الديموغرافي .

هل تريد التعليق؟