من الذين فرحوا من خبر إعلان إيران عن قدرتها على تخصيب البولوتنيوم ومن الذين غضبوا؟ الإجابة على هذا السؤال تظهر كم لإيران من أعداء.
أول الغاضبين هم الإسرائيليون، فهم ما انفكوا يحذرون من تنامي قدرات إيران النووية، ولولا الحسابات الأميركية لما ترددوا في ضرب المفاعلات الإيرانية كما فعلوا من قبل بمفاعل تموز في العراق. الإسرئيليون أكثر من يدرك قيمة السلاح النووي، وبقدر ما سعوا إلى امتلاكه حرصوا على حرمان العرب والمسلمين منه. ومع أن الباكستان سبقت إيران في ميدان السلاح النووي إلا أنها تظل بعيدة عن الإسرائيليين. وتقودها حكومة معتدلة حليفة للولايات الأميركية، ومع ذلك تسرب أن الإسرائيليين حاولوا ضرب المنشئات النووية الباكستانية.
ومهما بلغ غضب إسرائيل فإن السؤال الكبير: ما ذا ستفعل؟ ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، والإجابة عليه مرتبطة بما تقرره أميركا ثانية الغاضبين.
أميركا تدرك دقة الحسابات مع إيران، فالجيوش الأميركية في أفغانستان والعراق ما كانت لتحقق انتصاراتها لولا دعم إيران ومساندتها كما صرح غير مسؤول إيراني. ونجاح المشروع الأميركي في أفغانستان والعراق رهن بالتعاون الإيراني. فأي ضربة لإيران سيرد عليها في العراق وأفغانستان. والأميركيون يدركون مدى النفوذ الإيراني في العراق وبالدرجة الثانية أفغانستان. فوق ذلك يتعامل الأميركيون مع المخاوف الإسرائيلية باعتبارها تهديدات تمس أمن الولايات المتحدة الأميركية.
دول الخليج ثالث الغاضبين. فذاكرة الخليجيين لم تنس شاه إيران يوم كان شرطي الخليج، ولم تنس الحرب العراقية الإيرانية. فإيران الشاه وإيران الجمهورية الإسلامية ينظر لها باعتبارها دولة توسعية تحتل الجزر الإماراتية. ويعلم الخليجيون مدى قدرة إيران على العبث السياسي بورقة الأقليات الشيعية.
أما الرأي العام العربي والإسلامي، فهو بين غاضب وغير مبال ومرحب. فالغاضبون يرون في إيران قوة معادية للعرب والإسلام السني، وهي لن تستخدم سلاحها لإخافة إسرائيل وأميركا اللتين تملكان سلاحا أقوى، لكنها ستستخدمه لمصالحها القومية والطائفية. غير المبالين يرون أن سلاح إيران لا يغير من المعادلة شيئا وما هو إلا دعاية جوفاء لا تضر. المرحبون يرون إن إيران ومهما كانت خلافاتها السياسية والمذهبية مع العرب والإسلام السني تظل وزنا استراتيجيا يصحح المعادلة المختلة في المنطقة لصالح الإسرائيلي. وبما أن قوة إيران تغضب إسرائيل وأميركا فهي قوة في صالح العرب والمسلمين.
غضب من غضب ورضي من رضي، القنبلة الإيرانية غدت على الأبواب. التعامل معها يعتمد على مدى معرفة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بالواقع الجديد. فإن كان بالإمكان إجهاض المشروع النووي الإيراني بضربة عسكرية حاسمة فسيتم ذلك اليوم قبل الغد. ولن تنتظر الولايات المتحدة تقارير وكالة الطاقة واجتماعات مجلس الأمن، فهي احتلت العراق من دون شرعية دولية، ومن دون تقارير تثبت امتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل. ومن دون أدنى التفاتة إلى الرأي العام العربي والإسلامي.
أما إن كان المشروع الإيراني ناجزا وبانتظار تفجير تجريبي، فستحارب إيران بضراوة في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان، وسيفرض عليها حصار يذكر بحصار العراق المديد. وستشن حرب في داخل إيران ناعمة بلا هوادة وحرب خشنة في الخارج. حرب لا سلاح فيها لكن يلعب الإعلام والفضاء والإنترنت والاقتصاد والمجتمع المدني دورا حاسما فيها. سلاح ينخر كما السوس يجعل الدولة كأعجاز نخل خاوية. أما في الخارج حيث حلفاء إيران فستستخدم معهم أقصى درجات الغلظة. وما استبعاد الجعفري من الترشيح إلا أول الغيث، أما حزب الله وسورية فسيكون الخيار العسكري معهما غير مستبعد.
هل تريد التعليق؟