مقالات

كل السنة عيد .. ندرة مزمنة في القراء

لماذا يتقاعس الكتاب عن الكتابة يوم العيد ؟ بسبب أن القراء يندرون في أيام العطل . هذه الحجة غير دقيقة وبحاجة لمراجعة . فندرة القراء ظاهرة عامة في الأردن بخاصة  والوطن العربي بعامة , وكأن القراء في أيام الدوام الرسمي يلتهمون الصحف التهاما ويتدبرون  ما فيها من مقالات وأخبار ويعقدون ندوات متخصصة بالقضايا الإشكالية والجريئة التي تثيرها الصحف .


صدقا  لا أعرف سقف الصحافة الأردنية ولا إلى أي مدى يمكن أن نتجرأ  نحن الصحفيين , سواء فيما تعلق بسلطة الدولة أم سلطة الرأي العام , وقد تتمكن من التجرؤ على الأخير  لكن الأولى لها سطوتها الدائمة , وإن توافرت جرأة الصحفي فلن  يتوافر السقف .


يمكن أن نتحدث عن السقف لكن لا يمكن اختراقه , وحتى لا أتهم بالمبالغة ومقارنة الأردن بالسويد , أقارنه بسورية (جدا لا هزلا ). الصحفي السوري شعبان عبود  أجرى مقابلة نشرت في صحيفة النهار البيروتية مع المعارض السوري رياض سيف , طبعا سيف لا يعارض تحت القبة التي كان يوما ما تحتها , يعارض في السجن الذي يمضي فيه  محكوميته . المقابلة خطيرة جدا , ويتحدث فيها سيف عن الاحتلال الأميركي  للعراق  بلغة  ناعمة !!!في الوقت الذي يخشى فيه الحاكمون في سورية احتلالا شبيها .


ما لا يقل خطورة عن ذلك الحديث الصريح عن الفساد , واحتكار الخليوي  من مستثمر شاب . ومن المعروف أن الشبكة الخليوية السورية  تعود لرجل الأعمال الشاب رامي مخلوف وهو من خؤولة الرئيس السوري .


المؤكد أن رياض سيف لا يزال في السجن في المقابل لا يزال شعبان عبود  خارج السجن , وهو ما يعني أن سقف الصحافيين السوريين قد ارتفع.
أريد أن أسأل لماذا لا يستطيع الصحافيون الأردنيون أن يقابلوا معتقلين سواء في قضايا سياسية أم اقتصادية ؟حتى لو لصحف بيروتية .

هذا عن السقف , أما سلطة الراي العام فسأتحداها , وأعلم أن الرأي العام الأردني واسع الصدر ومسالم . طبعا الرأي العام الأردني متعاطف مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسي  وقد وصلتني رسالة على بريدي الألكتروني  من لجنة الدفاع عنه ” إسناد”  تبتهج بما تردد إعلاميا عن إسقاط تهمة مذبحة حلبجة عنه مؤكدة أنه لم يفعلها .


لست قاضيا , ولست محاميا ,انا قبل كل شيء إنسان مخلص للإنسان بصفته إنسانا سواء قتل على يد أميركيين  في الفلوجة أم على يد عراقيين في حلبجة , وقد زرت حلبجة أكثر من مرة  وقرأت الكثير  مما كتب عنها , ولعل أفضل ما كتب هو ” حلبجة  من التدبير إلى التدمير ” للملا فاتح كريكار مؤسس أنصار الإسلام في كردستان  العراق , وهو مطلوب أميركيا وألف كتابه عندما كانت علاقة صدام بأميركا  في أحسن أحوالها.  المجزرة ارتكبها بقصد وتخطيط  نظام صدام حسين وارتكب مجازر أخرى لا تقل عنها هولا  لا يزال شهودها وشواهدها قائمين , ومع ذلك نبتهج بشائعة تنفي ارتكاب صدام للمجزرة .


حسنا لم يرتكب صدام المجزرة وارتكبها الجيش الإيراني  , لماذا لم يذرف العرب الدموع على الأطفال والنساء والرجال الذين ضربوا بالغازات الكيمياوية ؟ لماذا لم نتعامل مع حلبجة كما تعاملنا مع صبرا وشاتيلا بمعزل عن الفاعل .


عذرا أيها الرأي العام , فأنا أعرف عمق بغضك لأميركا وأعلم كم فعل الأميركان بنا , لكن علينا أن نعلم كم فعل بنا حاكم مثل صدام . وكم فعل بنا أشباه صدام ؟
بين سلطة الدولة وسلطة الرأي العام يضيق الهامش, ومن الأفضل استثمار العيد بالتهنئة والتواصل والحديث الهامس اللطيف الذي لا يزعج ولا يغضب أحدا. وكل السنة عيد بهذه الحسبة .
كل عام وأنتم بخير
a

هل تريد التعليق؟