مقالات

لا تبتهجوا: إنها كارثة غياب التمثيل

أكثرية الرأي العام متوافقة  بأن النواب يعبرون عن آراء الحكومة، وليس عن آراء الناخبين، وأن همهم الرئيسي تقديم خدمات خاصة لأصدقائهم وأقاربهم

يحق لوزير الأوقاف أن يفرح، فدور العبادة هي المؤسسة التي حصلت على أعلى ثقة للمواطن بنسبة 89 في المائة. أما مجلس النواب الذي يمنح الثقة للوزير وللرئيس فقد حصل على 51 في المائة. فالدين هو العاصم للناس عندما تنهار الثقة بالناس والمؤسسات. الحكومة جاءت في الترتيب الثاني بنسبة 78 في المائة مع ملاحظة الانهيار المتسارع في الثقة في الحكومات بحسب الاستطلاعات التي يجريها المركز دوريا.

اللافت في ثقة الناس هو حصول جبهة العمل الإسلامي على ثقة 57 في المائة وهي  النسبة نفسها التي حصل عليها مجلس الأعيان، مرتفعا بنسبة الضعف عن باقي الأحزاب التي نالت المرتبة الأخيرة 34 في المائة. واحتلت الصحافة مرتبة متقدمة على المجلس بنسبة 68 في المائة . أي أن السلطة الرابعة المعنوية تقدمت على أساس السلطات في بلد يفتتح دستوره بأنه نظام ” نيابي ملكي”.

هذه كارثة ، فغياب التمثيل نقيض ما تعرّف عليه العالم المعاصر الذي أسس على قاعدة “لا ضرائب بدون تمثيل” بحسب الاستطلاع الذي أجراه المركز.

اتسم التقييم العام لأداء مجلس النواب الحالي بعدم الإيجابية، إذ أفاد 9.5 % من الرأي العام الأردني بأنهم راضون جداً عن أداء المجلس الحالي منذ انتخابه وإلى الآن، مقابل 25.8% أفادوا بأنهم غير راضين على الإطلاق عن أدائه.  وعلى المنوال نفسه قيم المستجيبون أداء نواب دوائرهم الانتخابية، إذ أفاد 12.5% بأنهم راضون جداً عن أداء نواب دوائرهم منذ انتخابهم وحتى الآن، مقابل 30.8% أفادوا بأنهم غير راضين على الإطلاق عن أداء نواب دوائرهم.  

المؤسف أن 51 في المائة يرون أن المجلس غير مستقل عن السلطة التنفيدية. مع أن أصل النظام هو العكس أي أن الحكومة تتبع المجلس لا العكس! وخلص إلى “أن أكثرية الرأي العام متوافقة (بنسبة تزيد على 60%) بأن النواب يعبرون عن آراء الحكومة، وليس عن آراء الناخبين، وأن همهم الرئيسي تقديم خدمات خاصة لأصدقائهم وأقاربهم، وتكريس نفوذهم في المناطق الانتخابية.  أي أن الرأي العام يميل إلى أن أداء النواب في المجلس الحالي لا يعبر عن آراء الناخبين، بل يصب في اتجاهين أساسيين: الأول هو العلاقة مع السلطة التنفيذية، والثاني يهدف إلى تحقيق النواب لمكاسب شخصية وذاتية”.

وفي إشارة واضحة للنواب الذين يحسبون أنهم باستجداء الخدمات الصغيرة  يتركون أثرا، قال حوالي ثلاثة أرباع الرأي العام الأردني (71%) إنهم كانوا غير قادرين على تسمية إنجاز لهذا المجلس. فيما سمى 8% من الرأي العام أن دعم غزة أثناء العدوان الإسرائيلي عليها كان أهم إنجاز ، في حين أفاد 6% من المستجيبين بأن معالجة مشكلة ارتفاع الأسعار كانت أهم إنجاز ، تلاها تخفيض أسعار المحروقات 4%. 

ذلك التقويم السلبي أورث سلبية ، فـ 33 بالمائة قالوا أنهم لن يصوتوا وأكثريتهم  (69%) عزوا قرارهم بعدم المشاركة إلى عدم ثقتهم في أن مجلس النواب يعمل لمصلحة المواطن. أي بمعنى أن أداء المجلس يساهم في ارتفاع نسبة العزوف عن المشاركة بالانتخابات.  وبالتالي المساهمة في تناقص المنخرطين في العمل والمشاركة السياسية ضمن الأطر الشرعية والقانونية بصفة عامة.

لا حل إلا بالعودة لقانون الانتخابات الذي تأسست عليه البلاد، وعليه أقر الدستور؛  قانون القائمة. وهو القانون الذي جرت عليه الانتخابات الكويتية الأخيرة، وتجري عليه الانتخابات اللبنانية. وقانون الصوت الواحد المجزأ يظل غير دستوري بمعزل عن كل الكوارث التي سببها للبلاد.  أو بالحد الأدنى القانون المختلط الذي أقرته الأجندة الوطنية وهو قانون “رضينا بالبين  وما رضي بنا”.

هل تريد التعليق؟