مقالات

لا تكفي استقالة وزير التربية والتعليم

ما حصل في إعلان نتائج الثانوية العامة لا يليق ببلد مثل الأردن، وعلى الوزير أن يستجيب للمطالب الشعبية العفوية ويبادر إلى الاستقالة. ليس حفاظا على سمعة الحكومة إنما على ثقة الناس بأهم مؤسسة في حياتهم، فهم قد يتساهلون في مائهم وكهربائهم وطرقهم و.. لكن دراسة الأولاد تشكل الأولوية التي لا يتقدم عليها شيء في حياة الأسرة الأردنية.

لن نحتاج إلى خبير كندي ليتولى وزارة التربية والتعليم، يوجد الكثير من الكفايات، ويفضل أن لا يقل عمر وزير التربية والتعليم عن عمر نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر. لكن ذلك لن يوقف التدهور الذي حاق بالعملية التربوية.

الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وإن كان البريطانيون أقاموا الدنيا لأن بلير أدخل أولاده مدارس خاصة فإن أحدا من المسؤولين عندنا لا يدخل أبناءه مدارس الحكومة، فلماذا يرفعون مستواها أو يوقفون انحدارها؟

في الاستطلاع الذي أجري في شهر تموز الماضي بالشراكة بين وزارة التربية ومركز الدراسات الاستراتيجية  أفاد 76% من المستجيبين أنهم قد تلقوا دروسا خصوصية، وكانت النسبة للفرع العلمي 80%، وللفرع الأدبي 86%.

وفي ظل كثرة الحديث عن تعليم اللغة الإنجليزية أظهر الاستطلاع أن  تعليم الإنجليزية ومع زيادة عدد حصصها يظل بائسا وهي الخيار الأول للحذف. أما بالنسبة للمواد التي يفضل المستجيبون عدم احتسابها (شطبها) في معدل التوجيهي، فكانت اللغة الإنجليزية الأولى بـ17% تليها الرياضيات بـ15%، فالفيزياء والثقافة العامة بـ10% لكل منهما. أما المواد التي يرتئي طلبة الثانوية العامة إلغاءها من الخطة الدراسية (المنهاج) لو أتيحت لهم الفرصة، حازت مادة الثقافة العامة على المرتبة الأولى بـ18%، تلتها مادتا اللغة الإنجليزية/ عادي، والحاسوب بـ15% لكل منهما.

هذا الوضع المزري جاء بعد تقرير البنك الدولي الذي أظهر اعتمادا على قاعدة بيانات تمتد لأربعة عقود (1965-2005) تقدم  الأردن على الكويت والسعودية وإيران!

ووصف التقرير نظام التعليم في الأردن والكويت بأنه “قيم”، وفي تدريس الرياضيات والعلوم الدولية سجلت إيران والأردن أفضل الدرجات في العلوم، ولبنان والمغرب أدنى الدرجات، وفي الرياضيات سجل الأردن ولبنان أعلى الدرجات والمغرب والسعودية أدنى الدرجات.

لم يتحقق إنجاز الأربعة عقود الخالية صدفة، في البحر الميت تحدث الدكتور عبداللطيف عربيات في اللقاء الذي دعا إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن الاجتماع الذي حصل العام 1966 في الجانب الغربي من البحر الميت، ووضعت فيه استراتيجية التربية والتعليم. وتذكر كيف استغرب مضر بدران القادم من دائرة المخابرات العامة، المؤسسة العسكرية المعروفة بانضباطها، من مؤسسية التربية والتعليم، وقال له “أنتم لا تحتاجون وزيرا، كل شيء يمشي وفق القانون والأنظمة والمؤسسة”.

بدران في مطلع السبعينات قال لا تحتاج الوزارة وزيرا، اليوم تحتاج التربية والتعليم إلى وزارة!

هل تريد التعليق؟