لكل ثورة خصوصيتها في الربيع العربي، مع أن المشترك فيها أكثر من المختلف. فالمشترك أن الناس تسعى للكرامة والحرية والعدالة ، بدون خسائر أو بأقلها. المختلف هو كيف يتعامل النظام مع تلك المطالب. تبدأ حراكا إصلاحيا، وتتطور ثورة سلمية ووصولا إلى الثورة المسلحة. النظام العاقل هو من يكتفي بالخطوة الأولى، ويحرص على عدم إراقة الدماء. كما في المغرب والأردن والكويت. والأقل عقلانية والأكثر صلافة يعاند إلى مرحلة سفك دماء تسمح بحل وسط مع النظام، كما حدث في تونس ومصر واليمن. الخطوة الثالثة اقتصرت على ليبيا وسورية. <br/> <br/> في ليبيا أتاح غناها بالنفط وبعدها الجغرافي دعما مسلحا دوليا قلل من نزيف الشعب الليبي ومكنه من حريته سريعا. وهو ما لم يتح للشعب السوري.فكلفة العمليات العسكرية لا تجد من يتبرع بها، وملاصقة دولة الاحتلال تجعل الخشية على أمنها أكثر من الخشية على الدماء السورية. إلى اليوم يرفع الشعب السوري شعار السلمية، ويرد على المتظاهرين العزل بسلاح القناصة والسلاح الثقيل وحملات الإبادة والتطهير. <br/> <br/> أنه شعب أعزل في مواجهة نظام طائفي مسعور. ما حصل في حمص أن الثوار تسلحوا لحماية الناس من الهجمات الطائفية التي يشنها شبيحة الحيين العلويين النزهة والزاهرة. وهؤلاء لم يكونوا يخوضون معركة متكافئة مع أضخم جيوش العالم، بل كانوا يمارسون استشهادا على الهواء لاستفزاز الضمير العربي والإسلامي والعالمي. وقد نجحوا في ذلك. إنهم كما البوعزيزي وغيره من الذين أحرقوا أنفسهم ليحرروا غيرهم. <br/> طبعا احتفل النظام وشبيحته بدخول بابا عمرو بعد شهر من قصفها وحصارها، وكأنهم يدخلون الجولان أو مزارع شبعا(إلى اليوم وعلى رغم كل ما يقدمه حزب الله لسورية لا يعترف النظام بلبنانيتها ويراها سورية !). وبقدر ما قدم النظام صفحة قبيحة من الجبن والغدر والإجرام والدموية قدم الثوار أروع صور الفداء والاستبسال، وتكفيهم شهادة الصحفي البريطاني على البي بي سي “.. <br/>أقل ما يمكن أن أقوله عن من أخرجنا من هناك… كل من في بابا عمرو أبطال …لكن تحديدا أولئك الذين اخرجونا …وضعو حرفيا حياتهم على الخط (جازفو بحياتهم) ….لا يوجد ما يمكن أن أقوله مهما كبر بحق الشعب السوري….. <br/> <br/>لقد تركت في سورية ما أخشى أن يكون رواندا أخرى أو سريبرينيتسا أخرى (في إشاره إلى الابادة الجماعيه) ….هناك تدمير منظم ….في بابا عمرو شاهدناهم …رأينا ما يفعلون …لكن المشكله الكبرى المناطق الأخرى كحماه و درعا….لا يوجد فيها من ينقل …لا يوجد فيها من يصور…لا اتصالات …لا تستطيع التحدث إلى القريه المجاوره ( لمعرفة ما يحدث” <br/>)…. <br/>ولا يقل بطولة عن فتية بابا عمرو أولئك “الأجانب” الذين ضحوا بحياتهم أو كادوا من أجل نقل الحقيقة.ولا شك أن دماء الصحفية الأميركية أكثر عروبة ممن أراقها. <br/> <br/> إن العالم لم يتخلص من النازية بالمواعظ الحسنة والقصائد التي تتغزل بضحايا النازية ، بل بتحالف ضم الاتحاد السوفياتي وأميركا وبريطانيا وغيرها. ولولا ذلك التدخل الدولي والتحالف الدولي لما تخلصت البشرية من شرور النازية. فقد استباح النازيون باريس كما استباح نازيو سورية بابا عمرو، ولولا التدخل الدولي لظلت باريس إلى اليوم تحت الحكم النازي. <br/> <br/> لقد ثار شعب سورية منذ استيلاء أسرة الأسد على السلطة وقتل منه في حماة وحدها أربعين ألفا. واليوم قتل نحو عشرة آلاف، فكم من القتلى يجب أن يسقط حتى يتسلح الناس. في ظل تعذر الحل العسكري العربي والإسلامي والدولي لا حل بغير تلبية مطالب الشعب السوري بالتسلح. إنها معركة قاسية تشن من طرف واحد هو النظام الطائفي وحلفاؤه في إيران ولبنان والعراق. ومن حق من يتعرض للإبادة أن يدافع عن نفسه. وقد أثبت الشعب السوري شجاعة نادرة في سلميته وفي عسكرته، أين منها نظام بدأ عهده بالهروب من الجولان وختمه بالهروب من لبنان. مرة بعد أول طلقة إسرائيلية ، وفي الأخيرة هرب من دون رصاص. <br/> <br/> في العام المقبل سنشاهد من سيحتفل بصمود بابا عمرو ويحتفي بأبطالها وشهدائها.في الوقت الذي نتابع على الهواء محاكمة مجرمي الحرب.إن تضحيات أهل حمص تجعل النصر أقرب من أي وقت. وليس صحيحا أن العالم يتفرج! <br/>الغد.</p></div></h4>
هل تريد التعليق؟