مقالات

لماذا لا يتنحى نايف حواتمة ؟

– جدد الزميل الكاتب في صحيفة الغد مقالته التي نشرها في صحيفته الاثنين وذلك لتكون بشكل اوسع مما تتحمله زاويته من كلمات محددة .. ننشرها كما وردت من المصدر كاملة : في بدايات عملي الصحفي كنت أعتقد أن المقابلة الصحفية تعني تفريغ محضر بشكل حرفي . وأن الأمانة تعني نقل كل ما يقال للقارئ . لأكتشف بعد حين أن المقابلة تعني نقل ما هو جوهري واكتشاف ما لم يقل حرفيا. وما يحاول المتحدث إخفاءه هو الخبر وهو الموقف الذي يستحق النقل . مثل مقابلة التايم الأخيرة مع رئيس المكتب السياسي حماس خالد مشعل والتي استمرت لساعات وخرج بها الصحفي باقتباسات لا تتعدى دقائق. وخلص فيها إلى أنهلا بد للإدارة الأميركية من الاستماع إلى حماس وكسر الحظر عليها . <br/>في مطلع التسعينات وكنت أعمل في صحيفة الرباط التي يصدرها الإخوان المسلمون أجريت والزميل فرج شلهوب مقابلة مع الأمين العام للجبهة الديموقراطية نايف حواتمة ، ولا أنسى تفريغ تلك المقابلة التي حرنا كيف ننشرها لطولها المديد ، فكان أن ضغطناها في حرف 9 بونط ولا أطن أن أحدا تمكن من قراءتها في وقته . في وقتها حسبت أن اليساري العريق سيتحدث إلى خصومه الإخوان المسلمين بلغة مراجعة , خصوصا أن الحركة الإسلامية كانت في ذروة صعودها مقابل انهيار اليسار الدرامتيكي . تحدث يومها مطولا مطولا بنفس الطريقة التي يكتب فيها مراجعاته. أي يراجع كل شيء من نشأة الحركة الصهيونية إلى انهيار الاتحاد السوفيتي ولا يراجع نايف حواتمة . <br/>في الأردن نحتاج إلى مراجعة وقراءة في مواقف الجبهة الديموقراطية نشأة ومآلا ،فقبل الحديث عن التيارات الظلامية والتكفيرية ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ نريد أن نسمع تحليلا للشعار الذي أطلقته الجبهة الديموقراطية في عمان ” كل السلطة للمقاومة ” وكيف مارست الإقصاء بشكل ظلامي وتكفيري بحق الدولة وجيشها لا بحق من يخالفونها في الأفكار فحسب. وفي مراجعات أو ذكريات قادة الفصائل والمسؤولين الأردنيين في تلك المرحلة يحملون الجبهة الديمرقراطية مسؤولية التصعيد في الخطاب والممارسة وهو ما أدى إلى أحداث أيلول المؤسفة. وليس أدل على غياب عقلية المراجعة النقدية من تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الأردن في لبنان . <br/>يرد على ذلك بأن حواتمة يكتب بصفته الإنسانية العالمية وليس بصفته قائد فصيل فلسطيني . وهذا ما يستدعي السؤال عن خيبات اليسار العربي الذي كان قريبا من حواتمة . فهو يباهي بأصدقائه في أميركا الجنوبية الذين عادوا إلى السلطة ، ويفاخر بنضالهم وتجاربهم وهذا جميل ، لكن الأهم منه أن يحدثنا عن الرفاق والأصدقاء في اليمن الديموقراطي والجزائر وليبيا وسورية والعراق .. <br/>امتدت يد متطرف بسكين على نجيب محفوظ , هذا يستحق الإدانة والرفض ، لكن ماذا عن الدول التي بطشت وأعدمت وأبادت وهي ترفع لواء الاشتراكية ؟ هل كانت حقيقة تلك الدول تنويرية وديموقراطية وتحترم أبسط حقوق الإنسان ؟ هل يحدثنا عن مجازر الرفاق بحق بعضهم البعض في اليمن ؟ هل يحدثنا عما فعله بول بوت من مجازر بشعة باسم الماركسية ؟ حتى في أزهى صور الثورية ، هل كان جيفارا وكاسترو ورفاقهم ديموقراطيين مع خصومهم ؟ ماذا حل بالكنسية في كوبا أيام الثورة ؟ إلى اليوم هل يوجد معارض يستطيع أن يفتح فمه ؟ <br/>دع عنك السياسة والفكر والتنوير , يتحدث الرفيق حواتمة عن الأزمة الاقتصادية في طبعتها الجديدة . ويشدد النكير على الرأسمالية ، ولا يحدثنا عن الفشل الكبير للاقتصاد الاشتراكي ، وهو في سورية حيث يقيم يشاهد قصص نجاح يومية ! <br/>ولعل أخطر ما في المقابلة موقفه الإقصائي من التيارت الإسلامية . فتلك التيارات وإن تورطت بالعنف والتطرف مثل كل التيارات إلا أنها راجعت وتراجعت عن أخطائها , وفي الأردن وفلسطين لا يمكن مقارنة موقف حماس والأخوان من الآخر في الستينات والسبعينات بموقفها منذ التسعينات. فهي دخلت بتحالفات جدية مع مخالفيها في الفكر بما فيهم الجبهة الديموقراطية وفقا لبرامج سياسية . وفي اليمن خاضت أحزاب اللقاء المشترك الإخوان( حزب الإصلاح ) والاشتراكي والناصريون وغيرهم الانتخابات معا في مواجهة حزب المؤتمر المتطابق فكريا مع الإخوان المسلمين . <br/>ومع أن الرفيق يتحدث عن لاهوت التحرير المسيحي في أميركا الجنوبية مشيدا ، إلا أنه يغض الطرف عن لاهوت التحرير الإسلامي الذي حرر المنطقة فعلا من الاستعمار, أين عمر المختار وعبدالقادر الجزائري والإمام المهدي وعزالدين القسام وحسن البنا … <br/>الغريب كيف نتحدث عن الديموقراطية والإصلاح والأمين العام لم يتخل عن موقعه منذ تولاه قبل عقود! ربما يتمكن من المراجعة النقدية بعد مغادرة الموقع . <br/>[email protected] </p></div></h4>

هل تريد التعليق؟