مقالات

لماذا هزم الإسلاميون في انتخابات المهندسين الزراعيين ؟

<h4><div id=”txt_sizer”><div></div><p>كنت أتمنى أن يلاقي الإسلاميون في انتخابات نقابة المهندسين الزراعيين هزيمة قاسية ؛ حتى تترسخ في عقولهم فكرة الديموقراطية . فهي ليست مقررا دراسيا ينتهي بفصل ، ولا مشروعا لشركة ينجز في سنوات . هي ممارسة صعبة ومضنية ورياضة نفسية وعقلية قاسية تتراكم بالتجربة والممارسة وتتطور بالثقافة والاطلاع ومواكبة العالم . <br /> <br />فازوا مع الأسف . وخابت أماني ! مع ذلك عليهم أن يتخيلوا أنهم هزموا وليفكروا لماذا هزموا ؟ فهم يعرفون أخطاءهم السياسية والنقابية والشخصية أكثر من خصومهم ” بل الإنسان على نفسه بصيره ” ، وليتصورا كيف يمكن أن يعامل المهزوم الأقلية الذي اجتاحته الأكثرية المنتصرة . فالديموقراطية في جوهرها هي حماية للأقلية لا للأكثرية ، وأوضاع الأقليات السياسية والأقوامية ( الإثنية ) والطائفية هي التي تحدد منسوب الديموقراطية . فالأكثريات عادة ما تهيمن في الاستبداد والديموقراطية . <br /> <br />وتظل النقابات هي المدرسة الديموقراطية الأكثر تجذرا ولذا يعول عليها في ريادة التطور السياسي في الحد الأقصى ووالحد من التراجع في الحد الأدنى ؛ فهي تشكل أقدم تجربة ديموقراطية متراكمة لم تشهد انقطاعا ، خلافا لمجلس النواب والبلديات . وهي التجربة الأكثر غنى وتنوعا في إطار حداثي . فالنقابات ظلت ميدان تنافس بين قوى سياسية بالدرجة الأولى وإن شابها تلوث إقليمي أو طائفي أحيانا . وهي قوى سياسية مفتوحة مرنة . بمعنى أنه لا توجد قائمة إخوان مسلمين مغلقة بمواجهة قائمة حزب شيوعي مغلقة ، توجد قائمة بيضاء تمثل الخط الإسلامي الفضفاض الذي شمل يوما حسني أبو غيدا وقائمة خضراء تمثل الخط الفضفاض قوميا ويساريا الذي شمل يوما كمال ناصر . <br /> <br />وفي انتخابات الشعب الأخيرة في نقابة المهندسين حصل انفتاح نوعي عندما تحالف حزب الوحدة الشعبية مع القائمة البيضاء . وما بين البيضاء والخضراء يحضر خط ” الدولة ” من خلال ما يعرف بالمستقلين. وهو خط له حقه في المنافسة والانتصار طالما لم يكن تزوير أو تدخل مباشر . ولا توجد موازين قوى ثابتة، وعادة ما تنطوي الانتخابات على مفاجآت وتحالفات ومناورات. لكنها دائما ومنذ أكثر من نصف قرن لم تشهد تزويرا.وشهدت ولادات لسياسيين بأسلوب ديموقراطي ، فليث شبيلات بسطوته الانتخابية بدأ مهزوما في انتخابات المهندسين. وتمكن من بوابة النقابات أن يشق طريقه السياسي في مرحلة الأحكام العرفية وبدون رافعة حزبية. <br /> <br />تنوع آخر تمثله النقابات من خلال تعدد قوانينها الانتخابية ، فلا توجد نقابة مثل الأخرى،فالمحامون تتطلب انتخاباتهم الوصول إلى نصاب نصف الناخبين . والمهندسون يمرون في ثلاثة مراحل انتخابية تضمن الوصول إلى أوسع قاعدة ممكنة من خلال الشعب والمجلس المركزي ومجلس النقابة . وفي كل نقابة خصوصية تميزيها عن الأخرى . وتتفاوت أعداد المنتسبين إليها من الآلاف إلى المئات، إلا أن الجميع بمعزل عن حجمه ( مثل الاتحاد الأوروبي !) له حق رئاسة مجلس النقباء دوريا بما أنه شريك بماله في أرض المجمع .وهذا لم يمنع وجود نقابات (الخارج ) التي لا يحق لها ترؤس المجلس لأنها لم تدفع ( لا تمثيل بدون ضريبة !). <br /> <br />لم تكن النقابات في مأمن دائما ، بل ظلت هدفا للعرفيين المعادين في جوهرهم للديموقراطية . وكادت أن تنجح المؤامرة عليها غير مرة وكانت تحبط في اللحظات الأخيرة . وفي ظل استحالة ” التزوير والتدخل المباشر ” كان يلجأ لخيار ” تطوير قوانين النقابات “! وهو في حقيقته لم يكن أكثر من” حشوة متفجرات” لا تبقي حجرا على حجر في البنيان الذي تطاول أكثر من نصف قرن . <br /> <br />في تجارب البشر تظل القوانين الانتخابية ثابتة على علاتها . وهذه سمة الدول الديموقراطية . ولو اتعظنا بنفسنا لعلمنا أنه لا توجد كارثة أسوأ من الصوت الواحد المجزأ. فهو قطع السياق الذي نشأت عليه البلاد وخرب بنيانها السياسي والاجتماعي . ولنتعظ بغيرنا لننظر إلى الانتخابات الأميركية ، وهي مناسبة لحواة الأرقام في كل انتخابات يفوز فيها إسلاميون . في انتخابات بوش الابن الأولى حصل أل غور على عدد أصوات ناخبين أكثر من بوش ، في المقابل حصل بوش على عدد ممثلين أكثر .لم يعدلوا القانون الانتخابي الموروث منذ أكثر من قرنين لتحقيق تطور سياسي يحول دون فوز الجمهوريين ” الظلاميين “! <br /> <br />قصارى القول، على وزير التنمية السياسية أن يترك النقابات وشأنها تتطور ذاتيا وليركز على سبل تفادي ما حاق بنا بفعل كارثة الصوت الواحد من عام 1993 ،وهو ما ظلت النقابات بمنأى عنه . ولو وصلها قصف الصوت الواحد لكنا شاهدنا في انتخابات الزراعيين بيعا وشراءً وتصويتا أميا وغير ذلك مما وثقه الممركز الوطني لحقوق الإنسان في الانتخابات النيابية . <br />[email protected] </p></div></h4>

هل تريد التعليق؟