مقالات

ليس من أخلاقنا إهانة الضيف

من حق النواب، دستوريا، أن يصفوا قمة الدوحة بالمهزلة. لكن هذا ممكن أن يقوم به أي كاتب صحفي أو بائع خضار؛ فيما النائب لا يقبل منه أن يقول كلمته ويمشي، فهو الذي يمنح الشرعية للحكومة التي شاركت في صياغة قرارات القمة، ومثل فيها الأردن على أعلى مستوى. وهذه القمة لم يُجلب لها الأردن مخفورا، وقد عبرت الدولة فيها عن رأي أكثرية الشعب الأردني الذي تُظهر الاستطلاعات من بداية الثورة السورية، وآخرها المؤشر العربي، أنه مع هذه الثورة، وأن من يقفون مع بشار الأسد بحدود 3 %.
ومن حق نواب أن يعترضوا على حكومتهم، وعلى حكومات قطر والسعودية وتركيا، وعلى معاذ الخطيب، وهذا لا يكون بالخطابات. هذه ليست وظيفة النواب الذين عليهم أن يطرحوا الثقة في الحكومة التي وافقت على الحضور، وليطالبوا بقطع العلاقات مع قطر والسعودية وتركيا، ومن فوقهم أميركا.
لكن ليس من حق النواب توجيه إهانات للاجئين السوريين؛ فهؤلاء في كل الدنيا خارج أي نزاع سياسي، ونحن ملزمون شرفا وخلقا ودينا باستقبالهم، وبالقانون الدولي كذلك.
لا يوجد بلد مثلنا فتح أبوابه للاجئين. قبل وحدة الضفتين، استقبل اللاجئين الفلسطينيين، وبعدها في العام 1967، وفي محنة سورية الأولى في الثمانينيات، وفي الحرب الأهلية اللبنانية، وفي حرب الخليج الثانية.
سورية غير؛ فرئيس مجلس النواب سعد هايل السرور الذي نختلف معه كثيرا سياسيا، يمثل نموذجا لوحدة بلاد الشام. فقد كان والده عضوا في مجلس النواب السوري، وقبل ذلك كان للأردن خمسة ممثلين في المؤتمر السوري الأول في المملكة الفيصلية. وأول من سكن عمان الشركس والشوام. وتاريخيا، وإلى نهاية الدولة العثمانية، ظل الأردن وفلسطين جزءا من بلاد الشام.
لا تقبل أبدا اللغة المهينة بحق الضيف. وهذا لا يعبر عن قيمنا، بقدر ما يعبر عن أمرين: لغة شعبوية ضد المهاجرين، موجودة في أعرق الديمقراطيات الغربية، تشيطنهم باعتبارهم عبئا اقتصاديا وسارقي وظائف. والثاني، حالة هلع لدى أنصار بشار الذين شاهدوا نهايته سياسيا، ونزع الشرعية عنه.
لقد كان حضور الوفد السوري في قمة الدوحة مهيبا، يليق بمئة ألف شهيد انتخبوه، يمثل سورية بكل تنوعها: الشيخ معاذ الخطيب، وسهير الأتاسي، وجورج صبرا، وغسان هيتو؛ رجل، وامرأة، إسلامي وعلماني مسيحي، ومسلم كردي وعربي.. الغائب هو السفاح المختبئ من الثوار، والذي لا يستطيع الذهاب إلى روسيا أو إيران.
استقال معاذ الخطيب من رئاسة الائتلاف لأنه عجز عن حماية من يمثله. وقد لقي حفاوة وهو مستقيل، لم يلقها زعيم عربي. بشار أحرق شعبه بصواريخ “السكود” وطائرات “الميغ” ولا يستقيل؛ هذا الفرق بين سورية الماضي وسورية المستقبل، ومصلحتنا في الأردن مع الشرعية العربية وشرعية الشعب السوري، ومن يقفون اليوم ضد الشرعيتين، جزء من الماضي.

هل تريد التعليق؟