مقالات

مجددا بوش يلقي باللائمة على الإعلام

بوش اجتمع عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع كبار قادته العسكريين أمس، ولا يبدو أنه سيقول لهم في الاجتماع السري ما قاله علنا في الأول من أمس، وبدورهم لن يضيفوا جديدا على ما سربوه لبوب وودورد في كتابه “حالة نكران” ولا على ما يظهر في جلساتهم مع لجان النواب والشيوخ ولا في إيجازاتهم الصحافية.

أول من أمس برهن الرئيس الأميركي مجددا على سذاجته السياسية. فالمشكلة في العراق تتلخص في أن المتمردين يحاولون التأثير على الرأي العام (شركة علاقات عامة؟) وأنهم يرسلون إلى وسائل الإعلام مثل الجزيرة (مثال يدل على سعة اطلاع وعمق في شؤون الشرق الأوسط) صورا لأعمالهم الوحشية (ممكن أن يرسلوا لقطات لرقصات شعبية؟).

الرئيس بوش، الذي يخضع لضغط داخلي متصاعد لإجراء تغيير في استراتيجية سياسة إدارته في العراق، قال إنه خطط لعقد مشاورات حول التدابير الأمنية مع كل من الجنرال جون أبي زيد، قائد قوات التحالف في الشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، والجنرال جورج كيسي، قائد قوات التحالف في العراق. وقال الرئيس الأميركي: “هدفنا لم يتبدل، ولكن التكتيكات تتغير دوما لتتواءم مع عدو متوحش وعنيف”.

صحيفة الفايننشال تايمز كتبت تحت عنوان ” تآكل الدعم لاستراتيجية بوش العسكرية في العراق” إن عددا متزايدا من كبار القادة العسكريين الأميركيين والمسؤولين الجمهوريين من حزب الرئيس بوش يتحدثون الآن بصوت عال ويطرحون سؤال إلى متى يستمر الوجود الأميركي في العراق. قبل إلقائه باللائمة على الإعلام قبل بوش، مشكورا، بتشبيه الوضع في العراق بفيتنام. وعلى ما يبدو فإن الإعلام هو ما دفعه للقبول بالتشبيه فالإعلام الأميركي لعب إذاك دورا حاسما في وقف الحرب. الضربة القاصمة إعلاميا كانت في فضيحة أوراق البنتاغون.

في حينها سرب ضابط كبير في البنتاغون عشرة آلاف وثيقة عن حقيقة الحرب في فيتنام إلى صحفيتي نيويورك تايمز  وواشنطن بوست. الحكومة علمت بالتسريب فرفعت قضية ضد الصحافة بحجة نشرها معلومات تمس الأمن القومي، كسبت القضية في المرحلة الأولى، لكن الصحافة استأنفت لدى المحكمة العليا التي قررت أن من حق الجمهور أن يعرف.

لم تنته الكارثة بقبول التشبيه بفيتنام. الكارثة بدأت! فبوش، بحسب بوب وودورد، يستشير كثيرا وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الذي كان من معارضي الانسحاب من فيتنام، وبنظره أن أميركا “فقدت عزمها” في تلك الأيام الخالية. ما يجب ألا يتكرر في العراق. وكما قال الشاعر العربي “صح منه العزم والدهر أبى” فالشارع الأميركي على أبواب الانتخابات الأميركية النصفية سيصفع بوش الصفعة القاضية، فهو وكيسنجر ومن بعدهم يقاتلون بدماء غيرهم.

يستمع بوش لكبار قادته العسكريين، ويستمع للجنة التي ترأسها بيكر، والتي أوصت بعفو شامل عن المتمردين وحوار معهم. ويستمع لكيسنجر وغيره، ولا أحد يعرف سيستجيب لمن وماذا سيقرر.

 أخيرا، وبعد تصريحاته، عن محاولة تأثير المتمردين على الرأي العام وصلني من خلال الإنترنت شريط جوبا 2 أو الجزء الثاني من قناص بغداد، وهو بحسب الجيش الإسلامي في العراق “هدية العيد لأهل التوحيد”، والجيش سبق أن عرض التفاوض المشروط. وبوش مخير بين استقبال هدايا جوبا وبين التفاوض، أو سيعود مجددا لمهاجمة الإعلام. 

هل تريد التعليق؟