ما خلص الإعلام الغربي من فضائح أبو غريب وصور قتل الأسرى في مسجد الفلوجة واستخدام الفسفور الأبيض في اجتياحها، حتى طفت إلى السطح مجزرة جديدة. ينفذون المجازر ويكشفونها! الإعلام الغربي تكفل بكشف المجزرة من البداية إلى اليوم إذ يتهيأ قائد المارينز لزيارة العراق للتحقق من المجزرة ومعاقبة منفذيها في حال إدانتهم.
صحيفة التايمز نشرت حديثا مع طفلة نجت من المجزرة: ايمان حسن (10 سنوات) قالت انها كانت لا تزال ترتدي “البيجامة” عندما اقتحم جنود اميركيون منزل اسرتها حوالي الساعة السابعة صباحا يوم 19 نوفمبر الماضي.
واضافت للصحيفة ان والدها كان يصلي وجدها وجدتها كانا نائمين عندما سمعت اصوات اطلاق نار في الخارج.
واوضحت ايمان انه بعد 15 دقيقة من سماع انفجار وصوت اطلاق نار في الخارج، اقتحم جنود مشاة البحرية الاميركية المعروفة باسم المارينز منزل الاسرة وبدأوا عملية تفتيش بحثا عن مسلحين. وقالت ان الجنود أخذوا يصرخون في وجه والدها ثم القوا قنبلة في حجرة جدها وجدتها. واضافت انها شاهدت امها وقد اصابتها الشظايا، بينما حملت خالتها اخاها الصغير وخرجت مسرعة من المنزل.
وأكدت ايمان في الحديث ان “جميع من كانوا في المنزل قتلوا عدا اخي عبدالرحمن وانا”. وقالت “كنا خائفين للغاية ولم نستطع ان نتحرك لمدة ساعتين وحاولنا الاختباء تحت الوسادة، واصبت بشظايا في ساقي، لم يمت افراد اسرتي على الفور فقد سمعناهم وهم يتأوهون لفترة طويلة”.
وأصيب في الهجوم الاميركي على المنزل عبد الحميد حسن جد ايمان وجدتها خميسة ووالدها وليد وعمها مجاهد وامها وعمها الآخر رشيد وابن عمها عبدالله (4 سنوات).
وقالت ايمان التي نشرت قصتها في الصفحة الاولى للتايمز مع صورة كبيرة لها: ” اكرههم، فقد جاءوا ليقتلوننا ثم بعد ذلك يقولون: آسفين”. واوضحت الصحيفة ان التحقيق الذي أطلقته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) يسعى لمعرفة ما إذا كان جنود المارينز قد قاموا بقتل المدنيين بدم بارد أم لا!
واضافت انه، وفقا للتحقيق، فإنّ حوالي 12 جنديا اشتركوا إما في الحادثة أو في التغطية عليها. وقالت الصحيفة أن المحققين يحضرون تهما من بينها تهمة القتل العمد والتراخي في أداء الواجب وإصدار تقارير خاطئة.
قصة مجزرة حديثة، التي حظيت باهتمام الإعلام الغربي، لا تقلل من أهمية مجازر أخرى يغيب عنها الإعلام. ولا زلت أشعر بالحرج لأني لم أستطع أن أنشر قصة مجزرة ارتكبت على جسر الرمادي، لسبب بسيط لأني لم أكن هناك لأغطي الحدث وأحصل على رد من المسؤولين العسكريين الأميركيين.
جاءني الأب الذي فقد أربعاً من بناته إلى مكتبي في عمان حيث جاء لعلاج ابنتين نجتا من المجزرة. شاهدت يومها كيف يبكي الرجال. قصته باختصار أن الأسرة كانت متجهة لحفل عرس الخال في كبيسة، وعلى الجسر قرر جندي أميركي أن السيارة المقبلة هدف مشروع لرشاشه الثقيل، لم ينج غير ابنتين!
القصة تتكرر كثيرا في العراق، وسبق أن غطيتُ للجزيرة ما عرف بـ” مجزرة المنصور” وعرفت يومها أن لا قيمة للدم غير الأميركي. كانت السلطات الأميركية إذاك تطارد صدام، واشتبهت أنه مقيم في أحد قصور حي المنصور، فحاصرت الفرقة 101 المنطقة، وفي غضون الحصار أطلقت النار على أهداف مدنية لم تكن تعرف أن وجود الفرقة العسكرية يلغي حقها في الحركة وسط حيها. أرفع مسؤول قضائي في الجيش الأميركي أخبرنا يومها أن الضحايا لا يحق لهم مقاضاة الجنود، لكن من الممكن أن يحصلوا على استثناء لطلب تعويض!
بحسب منظمة إحصاء الجثث، وهي منظمة غربية، فإنّ أكثر الضحايا المدنيين قتلوا على يد الجيش الأميركي. طبعا العراقيون لن يصطفوا طوابير للحصول على تعويضات عن دماء أبنائهم، بل سيردون بمجازر تستهدف من أراق دماءهم. وهذا باختصار ما يجري في العراق، سواء حظي بتغطية الإعلام عربيا أم غربيا. أم كان مجرد رقم في منظمة إحصاء الجثث.
هل تريد التعليق؟