مقالات

مرحبا بالازدحام

توجد مشاعر معادية للمغتربين والوافدين، تتسع صيفا. فالاختناقات المرورية، وانقطاع الكهرباء، والازدحام في كل الأماكن من العيادات إلى المطاعم، وارتفاع أسعار السكن والعقار.. وغير ذلك من مكروهات تلقى اللائمة فيها عليهم.

قد يعود ذلك إلى طبيعة المجتمع الأردني الذي يميل إلى الاستقرار ولا يحبذ الهجرة. بخلاف المجتمعات المصرية والمغاربية واللبنانية والسورية. فالهجرة اضطرار أكثر منها خيارا.

يغادر الأردني للدراسة أو العمل، لكنه لا يفضل الاستقرار في الخارج. وفي الوقت الذي تجهد فيه العائلة غير الأردنية لسحب أبنائها إلى الخارج، يجهد الأردنيون في إعادة المهاجرين وإغرائهم بالعودة.

تلك مزايا في المجتمع، فالمغترب هو استثمار مؤجل للوطن، أما في حال استقراره في وطن آخر، فهو استثمار في الوطن البديل. المآخذ هي في الثقافة المغلقة غير القابلة للتنوع حتى بين أهل الوطن الواحد، والموقف منهم ينسحب على الموقف من الوافد.

تصل تحويلات المغتربين إلى زهاء ثلاثة بلايين دولار في العام، البيانات الرسمية تتحدث عن ارتفاع إجمالي تحويلات الإردنيين العاملين في الخارج خلال الربع الأول من العام الحالي 2010 إلى 831.6 مليون دولار بزيادة عن نفس الفترة من العام الماضي بلغت نسبتها 9 %.

ووفق تقرير سابق لصندوق النقد الدولي، فقد شكلت تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج أكثر من 40 % من صادرات السلع، كما أنها مثلت ما نسبته 20 % من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن خلال الفترة بين عامي 2000 و2004. يضاف إلى تلك الأرقام الاستثمارات والتحويلات الضخمة التي تأتي من الوافدين إلى الأردن، سواء كانوا عراقيين أم خليجيين.

لك أن تتخيل أحوالنا لو أننا أعدنا مغتربينا وطردنا الوافدين إلينا؟ حتى الوافدون من العمالة المصرية والسورية هل يمكن أن تستمر الحياة من دونهم؟ وهل يمكن بناء اقتصاد من دونهم؟

نحتاج إلى التذكير بهذه البديهيات، ليس لأن مصالحنا الحيوية مرتبطة بها فقط بل لأنها ضرورية لبناء ثقافة إنسانية منفتحة للمواطن. وبقدر ما هذه الثقافة منتجة ومفيدة بقدر ما هي الثقافة المغلقة مضرة ومدمرة.

ينقل عن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي أنه كان يستاء عندما ينشر الإعلام خبرا عن “ازدحام” في الطرق أو المهرجانات، أما اليوم، بعد الأزمة الاقتصادية فهو يسر كثيرا عندما يقرأ أخبار الازدحام.

الطرق الخالية موحشة!

هل تريد التعليق؟