مقالات

مسؤولية الأسرى والمفقودين الأردنيين

على ما ارتكبته الحكومة السابقة في الانتخابات البلدية والنيابية يسجل لها ما أنجزته في قضية الأسرى الأردنيين. وهو إنجاز يسجل لرئيسها معروف البخيت الذي بدأ جهوده عندما كان سفيرا في “إسرائيل” وواصلها بعد ترؤسه الحكومة. ولم ينكر الأسرى فضله، وكتب عميدهم سلطان العجلوني في “الغد” شاكرا ما سلف من الحكومة الراحلة.

عاد الأسرى إلى سجون بلادهم  بكرامة، وما هي إلا مسألة وقت ويفرج عنهم كما في الاتفاق. ولم يعاملوا مثل سائر السجناء، بل كانت لهم معاملة تفضيلية، وما تزال. لكنها تظل في بعض جوانبها دون ما كانوا يحصّلونه في سجون العدو. فسلطان العجلوني أكمل دراسته الجامعية وهو في السجن. اليوم لا تسمح له إدراة السجون بذلك وتمنع عنه جهاز الحاسوب والإنترنت. مع أنها قادرة ببساطة على فرض الرقابة اللازمة، وهي تسمح له وفق قانون السجون بما يفوق ذلك.

تتحمل الحكومة الجديدة مسؤوليتها تجاه الأسرى المحررين، ولا بد لها من تجاوز العقبات الإدارية وسوء الفهم. وفي قانون السجون متسع لذلك. فهي تستطيع، كما حصل في حال سابقة، اعتبار بيوتهم سجونا لا يخرجون منها. وتستطيع السماح لهم باستخدام الهواتف والإنترنت.

لم تنته القصة بترحيلهم في صفقة معقولة تنتهي بالإفراج، القصة بدأت. وخصوصا ما يتعلق بملف المفقودين الذي لم يتحرك إطلاقا. لنتذكر أن حزب الله نفذ آخر صفقاته على موضوع تبادل رفات مفقودين. ولا يجوز أن تكون جثث شهدائنا أقل شأنا من جثث الشهداء اللبنانيين. سواء من كانوا في الجيش العربي أم تحركوا بمبادرات ذاتية ثأرا لأمتهم.

أخبرني مدير الأمن العام السابق، فاضل علي فهيد، وهو واحد من أبطال معركة الكرامة الذين أصيبوا إصابة بالغة، عندما كنت أعد تقريرا تلفزيونيا عن ذكرى المعركة، أن الإسرائيليين بعد معاهدة السلام عملوا على البحث عن جثث ثلاثة جنود قتلوا في المعركة، ولم ينسوهم بعد ربع قرن.

قبل أسبوع اكتشفت مقبرة للمفقودين في إيلات (أم الرشراش بحسب التسمية العربية) ولم تعرف هويتهم، وقيل أنها ربما تكون لجنود مصريين. اتصل بي منصور البنا، وهو مواطن سمع مباشرة من الضابط  المرحوم فايز حداد بأنه تعرض عام 1949 لهجوم من قوة إسرائيلية كبيرة أضعاف السرية التي كان يقودها. واستشهد قسم كبير من سريته ونجا هو وقلة بعد نفاد ذخيرتهم.

الواقعة تحتاج إلى تدقيق، ويمكن الرجوع لأرشيف القوات المسلحة الأردنية والجيش الإسرائيلي. والراجح أن أم الرشراش كانت تتبع الأردن بدليل وجود وثائق ملكية الأراضي بيد أبناء العقبة إلى اليوم. ولو ثبتت رواية المرحوم فايز حداد فالراجح أيضا أن جثث المفقودين هي لشهداء أردنيين. لم ينالوا منا اهتماما!

عندما يساء إلى الأردن من كاتب أو من مسلسل أو من ندوة تلفزيونية او فيلم وثائقي تتفاقم عندنا ظاهرة البارانويا، وتدبج المقالات هجاء لمن يستهدفون تاريخ البلاد. وفي كل مرة نثبت بأننا لا نهتم بتاريخنا إلا عندما نشتم. ونواصل سهونا وإهمالنا، كما كنا.

ليس تبرئة لساحة الحكومة، فهي ليست وحدها المسؤولة. لا بد من تحرك الباحثين والإعلاميين والمجتمع المدني. لماذا لا تشكل جمعية للمفقودين الأردنيين ليس لدى العدو فقط وإنما لدى الشقيق والصديق. شخصيا أنا معني بالموضوع فخال والدي النقيب عبد اللطيف أبو هلالة كريشان فقد في حرب 1967 وفريد فريج وماجد الزبون كانا معنا في جامعة اليرموك، ومروان عرندس كان معي في مدرسة كلية الحسين. هل ستسمح وزراة الداخلية بتسجيل الجمعية؟

هل تريد التعليق؟