مقالات

معركة السيسي مع جيل أم مع فصيل؟

 بحسب الخبراء في الشأن الإماراتي التي تعتبر الداعم الأول للانقلاب في مصر، فإنها كانت تفضل ترشيح الفريق شفيق على المشير السيسي. ولكنها قبلت بالأمر الواقع في النهاية. وكان الأفضل للانقلاب أن يرشح شفيق، فهو سيؤكد أن ما حصل ليس انقلابا، خصوصا أنه في عز مد الإخوان حصل على نتائج مقاربة للرئيس محمد مرسي. كما أن بقاء السيسي وزير دفاع سيحافظ على “قدسية الجيش”، في حين عندما يصبح رئيسا فإنه سيكون عرضة للنقد والتشهير. اليوم، لم يعد هناك من شك أن وزير الدفاع انقلب على رئيس منتخب وخاض انتخابات وفق دستور فصله لصالحه وهيئة انتخابية محصنة من الطعن، وهو في النهاية سيكون رئيس مصر.
منذ الساعات الأولى للترشيح الرسمي تأكدت مخاوف داعمي الانقلاب. فالجيل الشاب الذي يحتل الشوارع منذ 25 يناير تمكن بصورة إبداعية من إيصال رسالة احتجاج مؤذية للسيسي. في اليوم الأول للترشيح قتلت الصحفية في جريدة الدستور ميادة، وهي كانت من مؤيدي السيسي ولكنها كشفت في محادثة على الفيس بوك أنها انقلبت عليه بعد مجزرة رابعة.
 ترويع الشباب من خلال إطلاق الرصاص الحي والخرطوش وأحكام الإعدام بالجملة، من خلال قضاء وصفته صحيفة رصينة كالفايننشال تايمز بأنه جعل من مصر “أضحوكة”، ولم يستثن أحدا من البطش حتى الفئات التي كانت تعارض الإخوان كحركة 6 إبريل، لكنه أخذ منحى وحشيا غير مسبوق بحسب تقارير منظمات حقوق إنسان محترمة كاغتصاب النساء والرجال في  المعتقلات واعتقال الأطفال. وهي ممارسات لم يعرفها عهد مبارك الذي ثار الشباب عليه.
 مقابل الزخم المعارض للسيسي نجد ضعف الحضور الجماهيري له، وصدم المتابعون من العدد الهزيل في ميدان التحرير الذي حشد يوم الجمعة لدعم ترشيحه. وهو للآن لم يقم بأي فاعلية مفتوحة وعبر عن رفضه للقاءات الجماهيرية. أين هذه الحملة السرية من الحملة الانتخابية التي خاضها مرسي وشفيق وعمرو موسى وحمدين وأبو الفتوح؟ أين اللقاءات الجماهيرية والمناظرات ومواجهة الصحافة؟
لن تختلف الانتخابات الرئاسية عن التصويت على الدستور ،ستكون نسخة عنها. وما لم تخطئه العين، وباعتراف مؤيدي الانقلاب، أن “العواجيز” هم من صوتوا للدستور، وغاب الشباب يومها عن مراكز الاقتراع. سيجد السيسي قطاعا واسعا من غير الشباب يدعم الاستقرار بأي ثمن، ولو أعدم نصف الشعب مقابل استقرار النصف الثاني. سيفرح بنتيجة الانتخابات كثيرا، وسيتقاطر عليه الزعماء العرب لتهنئته، لكنه في اليوم التالي سيجد نفسه أمام الحقيقة المرة، بلد منهار اقتصاديا، وجيل ساخط ليس لفقره وبؤسه فقط بل لكرامته فوق ذلك.
 يراهن السيسي على الوعود الاقتصادية من الإمارات والسعودية، لكن تلك الوعود وغيرها لا تقيم اقتصادا، ولا تعيد الشباب إلى بيوتهم. ما لم يستوعبه الجيش المصري منذ 25 يناير أن ثمة شيئا اسمه كرامة يؤمن بها الجيل الجديد وهي تفوق الاقتصاد أهمية. كان أكرم للسيسي أن لا يواجه هذا الجيل وأن يبقى يدبر في الظل لكنه أصر أن يكون رئيسا، وسيكتشف أن معركته مع جيل لا مع فصيل، وفصيل الإخوان المسلمين من سوء حظه، كما تظهر أسماء الشهداء والمعتقلين عماده جيل شاب. ومن لا يصدق ليسأل التويتر عن الملايين التي تتفاعل مع الهاش تاغ المسيء للسيسي.

هل تريد التعليق؟