الشقيقان محمد وشريف عايد الصمادي مطلوبان في الأردن على خلفية قضايا جنائية جرمية، وسبق أن حُكما في قضية عائلتهما الشهيرة بـ”طواحين العدوان”، التي أعدم فيها شقيقان لهما، كما اعتقلت الوالدة والأخوات. وهي قضية ارتبطت بجملة من جرائم القتل والسطو المسلح، ولم يكن لها أي بعد سياسي. وعندما فر محمد وشريف من محكمة أمن الدولة، اختطفا دورية شرطة، وكان معهما مدفع رشاش ومسدس، ولم يقوما بعبور النهر أو استهداف السفارة الإسرائيلية أو الأميركية، ولم يحاولا التسلل إلى العراق للحاق بتنظيم قاعدة الجهاد.
خلاف ذلك كله، توجها إلى سورية. وبحسب الأنباء المتسربة من المصادر السورية، فإنهما على علاقة بتنظيم القاعدة. والسؤال: هل فعلاً تحول الشقيقان من عالم الإجرام، وأرادا التكفير عن ماضيهما من خلال تبني العمل الجهادي، أم أن ثمة مصلحة سورية في هذه الفترة لإثبات الجدية في محاربة الإرهاب، من خلال تلبيس كل القضايا الأمنية، جنائية وجرمية، ثياب الإرهاب؟
تصعب الإجابة. فالتحولات ممكنة. وفي قضية مذبحة الرابية بدا واضحا أن “الجغامين” قد تحول، بشكل عشوائي، نحو الأفكار الجهادية، بل إن أحد رفاقه في المذبحة اختار أن يهرب إلى الشيشان، وكان آخر شخص طلب أن يلتقيه قبل إعدامه منظر التيار السلفي الجهادي، أبو محمد المقدسي! وإذا شاعت هذه الهجرة من عالم الجريمة، فإنها تشكل تحديا غير مسبوق أمنيا؛ فالخبرات الإجرامية سيكون لها أفق فكري وسياسي، وستضاف إليها شبكة علاقات تجنيد وتمويل.
في المقابل، قد تكون الرواية السورية متسرعة ومسيَسة في هذه المرحلة، خصوصا في ظل تصاعد الضغوط الأميركية، ويكون “تلبيس” المطلوبين جنائيا ثياب الإرهاب مكسبا للمصلحة القومية في هذه المرحلة الدقيقة. لكن من خلال التدقيق في مجندي القاعدة، فنادرا ما يوجد من بينهم أصحاب سوابق جرمية، بل على العكس؛ أكثرهم من عائلات ميسورة اقتصاديا، وغالبا ما يكونون على مستوى تعليمي جيد. وتكفي هنا الإشارة إلى زعيمي القاعدة، بن لادن والظواهري، ومنفذي تفجيرات الحادي عشر من أيلول.
مع ذلك، تحتاج القضية إلى دراسة. فالتخلص من الماضي الجرمي قد يكون من خلال محاربة أميركا وإسرائيل، وهو خيار قد تلجأ اليه دول وليس مجرد أفراد مهمشين. ومسؤولية الدول أن تصلح من يتورط في الإجرام، من خلال إتاحة فرص العمل أمامه، وجعل السجون مكانا للتربية والتعليم، خلقيا ومهنيا. وحتى أصحاب الفكر المتطرف، يمكن أن تفتح أمامهم آفاق الحوار والتثاقف، ليخرجوا بفكر معتدل.
تذكِّر قصة الشقيقين بطرفة شاعت أثناء المواجهة بين السلطات السورية وجماعة الإخوان المسلمين، وخلاصتها أن مطلوبا في قضية أخلاقية اختلط بمعتقلي “الإخوان”، وعندما شاهد ما حل بهم في التحقيق، ونودي على “الأخ المسلم” المدسوس خطأ، خاطب المحقق: “سيدي قضيتي أخلاقية”!
هل تريد التعليق؟