مقالات

من يقفون مع المجرم لا يقلون إجراما عنه

لو أبيد الشعب السوري عن بكرة أبيه فسيبقون إلى جانب النظام الجزار، وسيجدون مبررات؛ فالشعب السوري هو العقبة أمام تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية.
طبعا في السياحة السياسية السوداء على حساب الشعب السوري لا توجد زيارات لمقابر الشهداء ولا للمستشفيات ولا للسجون ولا لدير الزور ولا لحماة، وطبعا لا للقنيطرة المحررة. إنهم يزورون أنفسهم، يلتقون بأمثالهم في منتجعات القطاع العام من صحارى إلى شيراتون وسواهما من معسكرات النضال. على وقع تبادل الأطباق لا يتذكر المتخمون جياع سورية، ويتبارون في الحديث عن الجماهير الأردنية التي تقف مع النظام ضد الشعب الخائن المدسوس. وفي أجواء العائلة لا يتحدثون عن فيديوهات مفبركة، وإنما يزايدون على الشبيحة في ضرورة سحق وقتل الخونة حتى لو كانوا أطفالا، فمعركة المصير لا يصلح لها ذوو القلوب الضعيفة. السياحة السياسية السوداء لا تقتصر على نظام بشار، حتى نظام كوريا الشمالية يجد من يزوره ويعتبره مثالا في الديمقراطية الاجتماعية. وأكثر نظام استقبل وفودا “شعبية” مناصرة نظام جزار ليبيا معمر القذافي، وانضمت “نخب” إلى تلك الوفود كتبت عن مآثر العقيد في الكتاب الأخضر والديمقراطية المباشرة. وذلك لا يزيد الطاغية إلا قبحا. وكل ما يحققونه هو فضح لمن يقفون مع المجرم، ولو باللسان.
حتى لو كان المقابل رحلة سياحية سوداء، لا يضر ذلك الضحايا. فهم ببسالة يتصدون بعارية الصدور للرصاص الحي، أما المتضامنون مع المجرم فإن انفجار إطار الحافلة على الطريق سيدفعهم إلى الهرب إلى عمان ركضا على الأقدام.
قد تكون مبالغة، لكن ليمتلكوا الشجاعة ويطلبوا من مضيفهم أن يذهبوا إلى حمص وحماة ودير الزور ويتحركوا وقوفا على الحقائق وإصلاحا لذات البين. في الطريق ليستأذنوا المرافق ويلتقوا بالباعة في الكسوة ويسألوهم –من دون مرافق- عن العصابات السلفية الإجرامية. قد يمتلكون الشجاعة ويسألون مضيفهم عن سبب تغييب الإعلام. الصهاينة في حروبهم لا يمنعون الإعلام، في سورية الإعلام، ما عدا إعلامه، ممنوع من العمل والتحرك.
يشعر الشعب السوري بالخذلان الرسمي، لكن شعبيا تحركت معه عواصم العرب والعالم. الشعوب العربية في مصر وتونس التي نالت حريتها من طغاتها تتظاهر وتطالب بطرد السفير، والنظام في عزلته لا يجد معه إلا الشبيحة، سواء في الداخل أم الفرع الخارجي لهم. لم يعرف التاريخ شجاعة كشجاعة أبطال سورية في تصديهم للرصاص، ولم يعرف قبحا كقبح الجزار الذي استرخص دماء شعبه، ولا كقبح من يقفون معه بكل وقاحة. سيزول نظام الطاغية ولكن الكلفة حتى الآن عالية جدا. وبعدها لن تقتصر المحاكمات على من نفذوا الجرائم بل على من ساندهم ووقف معهم.

هل تريد التعليق؟