مقالات

مهلا .. إنها حقوقنا الدستورية


   تستطيع الحكومة إجراء الانتخابات المقبلة وفق النصف صوت، بمعنى أن يتشارك كل اثنين بصوت. وبناء على مبدأ الندرة في الاقتصاد فثمن الصوت سيتضاعف. وساعتها سيجد الأردنيون قواسم مشتركة بحيث يتوافقون ويتفاوضون ويساومون-طبعا سياسيا لا ماليا! وستجد الحكومة من يؤلف أغاني شعبية مديحا بقانونها البديع وستبث قبل نشرة الساعة الثامنة في تلفزيوننا.

تستطيع، وقد استطاع من قبلها تشريع قانون الصوت الواحد المجزأ ولم تخرج الناس بمظاهرات تطالب بحقوقها الدستورية. فالمادة الأولى من الدستور تقول “نظام الحكم نيابي ملكي” وفي المادة 24 “الأمة مصدر السلطات” وتفسرها المادة 25 “تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك”. ولن تكون الحكومة الوحيدة التي تتوسع في تفسير “الظروف القاهرة” بحيث تناط بها السلطة التشريعية.

ونستطيع في المقابل أن نعترض بوصفنا مواطنين، فالعقد الذي بيننا وبين الحكومة هو الدستور، ولا يحق لها تغيير شروط العقد من طرف واحد. في التعديلات الدستورية، وبمعزل عن عدم دستوريتها، توضيح لـ” الظروف القاهرة”، فهي وردت في المادة 73 ومطلعها “إذا حُل مجلس النواب فيجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر وتعتبر هذه الدورة كالدورة العادية”. أي أن المبدأ هو تفعيل السلطة التشريعية لا تعطيلها. والمادة الثانية توضحها “إذا لم يتم الانتخاب عند انتهاء الشهورالأربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته  الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله الى أن ينتخب المجلس الجديد”.

أما الظروف القاهرة فوردت أول مرة بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية التي كانت تشكل نصف الدوائر الانتخابية والتي نصت ” للملك أن يؤجل إجراء الانتخاب العام إذا كانت هناك ظروف قاهرة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الانتخاب أمر متعذر”. وحفاظا على روح الدستور في ظل استمرار الظروف القاهرة وهي الاحتلال عدلت الفقرة الخامسة “فللملك بناء على قرار من مجلس الوزراء إعادة المجلس المنحل ودعوته للانعقاد، ويعتبر هذا المجلس قائما من جميع الوجوه من تاريخ صدور الإرادة الملكية بإعادته، ويمارس كامل صلاحياته الدستورية وتنطبق عليه أحكام هذا الدستور بما في ذلك المتعلق منها بمدة المجلس وحله، وتعتبر الدورة التي يعقدها في هذه الحالة أول دورة عادية له بغض النظر عن تاريخ وقوعها”.

ويفسر التعديل السادس الذي أجري العام 1984 الظروف القاهرة بشكل جلي “إذا رأى مجلس الوزراء أن إجراء الانتخاب العام في نصف عدد الدوائر الانتخابية على الأقل أمر ممكن بالرغم من استمرار الظروف القاهرة المشار إليها في هذه المادة، فللملك أن يأمر بإجراء الانتخاب في هذه الدوائر. ويتولى الأعضاء الفائزون فيها انتخاب ما لا يزيد على نصف عدد الأعضاء عن الدوائر الانتخابية الأخرى التي تعذر إجراء الانتخاب فيها على أن يكون انعقادهم بأكثرية ثلاثة أرباع عددهم وأن يتم الانتخاب من قبلهم بأكثرية الثلثين على الأقل ووفقا للأحكام والطريقة المنصوص عليها في المادة 88 من الدستور ويقوم الأعضاء الفائزون والأعضاء المنتخبون بموجب هذه الفقرة بانتخاب بقية الأعضاء عن تلك الدوائر وفق الأحكام المبينة في هذه الفقرة”.  وللتذكير في ذلك العام أجرت حكومة أحمد عبيدات الانتخابات التكميلية التي كانت رغم الأحكام العرفية واحدة من أنزه الانتخابات في تاريخ البلاد التي كان نصفها محتلا.

في عام 1988 وبفعل الظروف القاهرة، أي الاحتلال وتبعاته، فك الارتباط مع الضفة الغربية، ومعه غدت دوائر الضفة مساحة لـ” الدولة الفلسطينية ” التي لم تقم حتى اليوم. وبقية القصة أن معاهدة وادي عربة أنهت الصراع مع العدو ولم تبق “ظروف قاهرة “.

من المؤسف أن يتحول الاحتلال باعتباره ظرفا قاهرا استثنائيا بالفعل، إلى قاعدة لانتزاع حق الأمة في التشريع.

كان آخر ظرف قاهر بقانون انتخابات عام 1989 بعد فك الارتباط. أما قانون الصوت المجزأ عام 93 فشكل خرقا دستوريا ما نزال إلى اليوم ندفع ثمنه. ومن حقنا إن نطالب بالعودة عنه وفاء لعقد الدستور بيننا وبين الحكومة.

هل تريد التعليق؟