مقالات

مواقف عنصرية من الليبيين

أظهرت الأحداث المؤسفة التي نجمت عن احتجاجات المتدربين الليبيين في كلية الشرطة نزعات عنصرية في اللغة الإعلامية المتداولة. ويمكن قراءة ذلك في بعض المواقع الإلكترونية والتويتر والفيس بوك. لا يدافع عن خطأ ارتكبته مجموعة بمعزل عن الدوافع التي لا نعلم تفاصيل عنها، ولكن لا يجوز التعميم وإطلاق شتائم على شعب حر دفع ثمن حريته دماء عزيزة وخاض واحدة من أكثر الانتخابات العربية سلمية ونزاهة وسماحة.
     يوجد في الليبيين كثير من الأخطاء لكن لا يجوز التعميم بحقهم، ومن الأفضل أن يتم التعامل مع تلك الأخطاء بحجمها، سواء ما تعلق بالتخريب في كلية الشرطة أو التقصير المالي مع المستشفيات والفنادق. فالليبي لديه خيارات، ويمكن أن يتعالج ويتدرب في تونس والمغرب ومصر وهي أقرب جغرافيا وثقافيا له.
    من دروس الانتخابات الليبية الأخيرة أن خصوم الإسلاميين قالوا للناخب إن الإسلاميين سيبددون ثروات ليبيا على إخوانهم الفقراء في تونس ومصر والمغرب، كما بددها القذافي على ثروات العالم. ولدى الإنسان الليبي خوف مشروع على ثروته، فهو قد حرم من أبسط حقوقه في ثروته كما حرم من حريته، في العراق كان استبداد لكن الثروة أنفقت على بنية فاخرة في التعليم والبنية الحتية، وفي الخليج يتنعم الخليجي بثروته رفاها وتنمية، مع كل الحديث عن سوء توزيع الثروة.
         من المعيب أن ننظر لليبيا الحرة باعتبارها محفظة نقود سواء للأردن أو دول الربيع العربي. ومن المعيب أكثر أن ينظر الليبيون لغيرهم باعتبارهم دونهم ينتظرون هباتهم. نحن في عصر التكامل والتبادل والشراكة. فليبيا بلد في مرحلة بناء يحتاج جهودا جبارة ولديه قدرات مادية هائلة. يستطيع الأشقاء العرب مساعدة الليبيين بقدر استطاعة الليبيين مساعدتهم. بإمكان القطاعين العام والخاص المساهمة في نهضة ليبيا ليس في تدريب الشرطة فقط وإنما في التعليم والإنشاءات والصحة وغيرها.
    يعرف الليبيون أن نفطهم لا دماءهم هي ما شجع كثيرا من الدول للوقوف مع ثروتهم، لكن هذا لا يصح مع إخوانهم العرب الذين تضامنوا مع الثورات الفقيرة في تونس ومصر واليمن قبل أن يتضامنوا مع الثورة الغنية في ليبيا، ولم يكن وقتها مضمونا نجاحها. ونحن اليوم في عصر الشعوب لا عصر الأنظمة.
   إن الأردنيين يحبون ليبيا من عمر المختار إلى أصغر الثوار، وهم يعرفون جغرافيا ليبيا اليوم كما يعرفون جغرافيا بلدهم، ويمكن للمواطن الأردني العادي أن يسرد لك تفاصيل البلدات الليبية وكأنه عاش فيها نكبات وانتصارات. ما جرى فعلا سحابة صيف، والقادم من الأيام سيكشف أجمل ما في الشعب الليبي وأجمل ما فينا، ولا يجوز أن تخرج لحظة غضب أسوأ ما فينا.

هل تريد التعليق؟