مقالات

نهاية الحزب الإسلامي

يصعب التقليل من أهمية التفجيرات التي تعرضت لها مقرات الحزب الإسلامي في الفلوجة وبيجي والصينية، وكذلك التظاهرة التي خرجت في الأعظمية احتجاجا على قراره بالمشاركة في التصويت على الدستور. فالحزب كان بمثابة الواجهة السياسية للعرب السنة، بموازاة الواجهة المرجعية، هيئة علماء المسلمين. وفي ظل غياب تشكيل سياسي علني للمقاومة، كان الحزب يقوم بهذا الدور، وقد تجلى ذلك في معركة الفلوجة الأولى، إذ نجح مفاوضو الحزب في التوصل إلى هدنة مشرفة.

موقف الحزب المفاجئ له مبررات سياسية قد تكون معتبرة، ويصعب الحكم عليها بدقة قبل ظهور نتائج الاستفتاء وما يعقبه من حراك سياسي. الحزب، باختصار، يريد الحفاظ على حضور سياسي للعرب السنة في مرحلة حرجة وحساسة، قد يدفعون فيها ثمنا غاليا في حال غيبوا أنفسهم  للمرة الثانية، بعد غيابهم عن انتخابات الجمعية الوطنية.

بيد أن هذه المبررات يصعب تسويقها شعبيا، ومن المرجح أن تعصف بموقع الحزب الذي كان يحتله لدى العرب السنة، وقد تكون نهايته على مستوى شعبي. مع ذلك، فإن للقرار مكاسب؛ فالسنة غدا لهم عند الأميركيين  صوت مسموع، وكذلك لدى الجامعة العربية كما لدى الأوساط السياسية العراقية، شيعية وكردية.

قرار تصفية الحزب بيد الإخوان المسلمين العراقيين؛ فالحزب ليس أكثر من ذراع سياسية لهم، وعلى رغم خلافاتهم مع قيادة الحزب، إلا أنهم أبقوا على شعرة معاوية معه على الرغم من وجود تيار إخواني عريض -وخصوصا الممثل في هيئة علماء المسلمين- كان يدعو إلى تشكيل حزب سياسي جديد غير الحزب الإسلامي، يعبر بنزاهة وقوة عن السنة.

من المرجح أن يتعجل هذا التيار في تأسيس حزب يعتمد بشكل أساسي على التيار الإخواني المنضوي في هيئة علماء المسلمين (الإخوان يشكلون أكثرية الهيئة، قاعدة ومواقع قيادية)،  وليس بعيدا عنه التيار الإخواني المقاوم الذي يقود المقاومة الإسلامية (كتائب ثورة العشرين، وجبهة المقاومة الإسلامية العراقية–جامع)، إضافة إلى الإسلاميين الذين يشكلون الجسم الإساسي في المقاومة العراقية (الجيش الإسلامي في العراق، جيش المجاهدين…)، وطبعا تستثنى جماعة القاعدة التي ترفض العمل السياسي.

ربما تناضل قيادة الحزب الإسلامي لدى الإخوان في سبيل عدم تأسيس حزب كهذا، لكن يستبعد أن ينجح مسعاها في ظل رفض القاعدة الإخوانية لمنهج الحزب. وقد يلجأ الإخوان إلى الاعتراف بالحزبين معا، وهي براغماتية لا تغيب عنهم. فالحزب المزمع قادر على اكتساب أصوات السنة بالاستفادة من الحضور التنظيمي للإخوان، والحضور المرجعي للهيئة، والزخم الذي تمنحه المقاومة.

في حال تأسيس الحزب الجديد، يبدو وكأن الحزب الإسلامي قام بمهمة انتحارية؛ فخخ نفسه  ليفتح الطريق لمشاركة العرب السنة في الانتخابات المقبلة. وبإمكان العرب السنة أن يكرروا تجربة حماس بالجمع بين العمل السياسي والعمل المقاوم. وسيكون للمقاومة الوزن الأكبر في تحقيق أي مكسب سياسي. ويمكن رصد تأييد المقاومة من خلال أصوات من قاطعوا ومن صوتوا بـ”لا”، وهو وزن يرجح أن يكون معتبرا على مستوى العراق، وكاسحا على مستوى السنة، إلا إذا تمكن الحزب الإسلامي من صناعة معجزة.. وفي الانتخابات تستبعد المعجزات، لكنها ليست مستحيلة.

هل تريد التعليق؟