مقالات

هارسون فورد

مع وصول خبر “المؤامرة الإرهابية” التي كانت تستهدف ناطحة سحاب في دالاس كنت قد انتهيت من مشاهدة وهو فيلم من بطولة النجم الأميركي هارسون فورد ، وعلى الفور تقاطع في الذهن المتخيل السينمائي بالواقع الإخباري, وغدا صعبا التفريق بين “الفيلم ” والحقيقة.وبدا حسام الصمادي واحدا من أبطال الفيلم الذي يروي خيبات المهاجرين إلى بلاد الأحلام. وفي مشاهد المتخيل والواقع تسطع في الذاكرةمشاهد مدينة دلاس المذهلة, سواء بأبراجها أم شوارعها وتقاطعاتها أم بغاباتها وبحيراتها، وصلتها في 2006 وكانت الولايات المتحدة قد بدأت تتعافي من آثار 11 سبتمر. كان شقيقي قد أنهى فيها درجة الماجستير في إدارة الأعمال وإجازة المحاسبة في الشركات الأميركية ،في الطيران الداخلي من واشنطن إلى دلاس توقعت أن أتعرض للتنكيل على مدخل الطائرة.الغريب أن التفتيش العشوائي تجاوزني ونكل بشقراء أميركية ليس فيها ملمح شرق أوسطي. <br/> <br/> لم أصادف قصة فشل لمهاجر عربي أو مسلم ،في المسجد كان الخطيب تركيا,وبدا المجتمع الإسلامي مرتاحا , تشاهد رجالا ملتحين ونساء محجبات, تكتشف في أثناء النقاش مشاكل في الاندماج, لكنها جزء من مشاكل كل المهاجرين في العالم, حتى في الأردن نشهد حالات انتحار لعاملات أسيويات في المنازل بسبب صدمة مغادرة المنزل. <br/> <br/> أعطوا أميركا زهرة شبابهم وأعطتهم الكثير, علما ومالا ومكانة واحتراما, جزء منهم اعتبرها محطة في طريق العودة إلى الوطن, وجزء لا يرضى بها بديلا.وفي الحالين يوجد قدر من الوفاء والامتنان لبلاد الأحلام.هذا الوجه المشرق لأميركا,لا يخفي قباحة سياستها الخارجية وانحيازها لإسرائيل.وفي دلاس كانت قضية مؤسسة الأرض المقدسة التي اتهم مهاجرون فلسطينيون بتقديم دعم مالي لحماس. <br/> <br/> في الفيلم ” العبور” تتعرض فتاة بنغالية مسلمة للأبعاد لأنها خاضت نقاشا في الجامعة حول دوافع منفذي تفجيرات 11سبتمبر، يحضر إلى شقتها،( أو شقة حسام الصمادي واقعيا) عملاء الأف بي آي،يدققون في حسابها المحمول ويكتشفون أنها تدخل على مواقع جهادية! اعتقلت وأبعدت في مشهد مأساوي لا يقل عنه مأساوية مشهد المهاجرة المكسيكية التي قضت في هجير الصحراء ولم يبق ليتيمها غير بقايا محفظة. <br/> <br/> في الواقع عام 2006 صفعت إدارة بوش في ” قضية حمدان”,لجم مسؤولو البيت الأبيض أكثر من 24 ساعة ولم يعقبوا على قرار المحكمة العليا. القرار التاريخي الذي مهد الطريق لأوباما اعتبر أن غوانتمو غير شرعي وأن معتقليه إما أن يعاملوا أسرى حرب أو يخضعوا للقضاء الأميركي,القرار كان وراءه بطل حقيقي لا سينمائي. كان معتقلو غوانتمو يخضعون لمجالس عسكرية فيها قاض ومحام ومدع عام. محامي حمدان الذي يشبه هاريسون فورد قرر أن يدرس حال موكله المتهم بأنه أحد مرافقي ابن لادن. فالمتهم يقول أنه بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية وافق على العمل سائقا مع ابن لادن، المحامي العسكري طلب أن يذهب إلى اليمن لدرس واقع حمدان ، وفي اليمن اكتشف صدق رواية حمدان وطالب المجلس العسكري بمراعاة الظروف الاجتماعية والنفسية للمتهم الذي تيتم صغيرا. قيل له ان المجالس العسكرية لا تتوسع إلى هذه الحدود ومكانها المحكمة العليا, وكان له ذلك في رحلة استغرقت سنوات. <br/> <br/> في قصة حسام الصمادي ، تمنيت لو أن وزير إعلامنا كان في سوية المحامي العسكري الأميركي, وأشار إلى الظروف المأساوية التي عاشها الفتى الأردني من طلاق والدته إلى موتها بالسرطان ولماذا تشرد فتى من عائلة متعلمة في بيئة محترمة !وكيف وقع لقمة سائغة في فم وحوش الأف بي آي. <br/> <br/> تمنيت لو أن حكومتنا كانت في سوية الحكومة اليمينة عندما لم تتخل عن الشيخ محمد المؤيد ومرافقه بعد أن ورطهم أحد عملاء الأف بي آي في قضية دعم مالي لحماس. والمؤيد اليوم يعالج في أحد المستشفيات الأردنية . حسام سواء كان بريئا أم مذنبا هو ضحية لا يجوز أن يتخلى عنها المجتمع والدولة. <br/> <br/> ليس ضحية أسرة ومجتمع فقط, ضحية علاقات معقدة مع أميركا، بلاد الأحلام والخيبات,كما لم يستوعب تعقيدات العائلة الصغيرة ولم يميز بين مأوى الأسرة وتشرد الشارع ومزقته مشاعر الطلاق والزواج والموت والحياة.. ضاقت بخبرته الشحيحة أميركا ,واختصرها بسيارة مفخخة وناطحة سحاب.أو اختصرت له وفق مقتضيات الفيلم الذي يجب أن تكون نهايته أقل مأساوية من بدايته.ما تعرض له حسام حسب الرواية الأميركية هو استدراج وتوريط وابتزاز لا يقوى على مقاومته طفل قذفته أمواج الصراعات العائلية الصغيرة إلى بلاد لا ير منها غير انهيار الأبراج. <br/> <br/>[email protected] <br/>الغد.</p></div></h4>

هل تريد التعليق؟