مقالات

يكرهون الإسلاميين أكثر مما يحبون أطفالهم

من علامات صحة المجتمع، العمل الجماعي الاحتجاجي السلمي. وكان من بركات الربيع العربي أن شهدنا حملات احتجاجية في أكثر من ملف، أدت إلى نتائج وتغييرات، أو ظلت حملات مستمرة تؤطر الناس بناء على مواقف فكرية وثقافية وسياسية، ولا تقسمهم بناء على غرائزهم وانتماءاتهم الموروثة. وكان منها الحملة من أجل حظر المواقع الإباحية.
وكان من المفارقات وقوف بعض الأقلام اليسارية والليبرالية ضد تلك الحملة، بداعي حرية الرأي؛ مع أن الحملة واقعيا هي دفاع في المقام الأول عن حق الأطفال والمراهقين في حياة طبيعية، تتناسب مع أعمارهم. فالراشدون قادرون على الوصول إلى الإباحية، سواء كانت على “النت” المحجوب أم في الواقع، ويظل الخيار لهم في القبول أو الرفض، ولديهم الوعي بالمحاذير وسبل الوقاية.
ومن ناكفوا الإسلاميين، وكأنهم الجهة الوحيدة المعارضة للإباحية، هم في قرارة أنفسهم وفي الواقع يحظرون المواقع الإباحية على أطفالهم، ويخشون من أثرها المدمر عليهم. لكن كراهية الإسلاميين تستدعي أخذ المخاطرة، ولو بالتضحية بأطفالهم. طبعا، منهم من هو في ترف واقتدار، فلديه من البرامج والخبرات ما يجعله يتحكم بما يشاهده ابنه على مدار الساعة، وهو غير معني بطفل مراهق في حي شعبي يهرب من المدرسة ليتابع مواقع إباحية، وفي الغضون يتعرض للاستغلال وهتك العرض، وصولا للاغتصاب. كما لا يفكر كيف يمكن لأب جاهل محدود الثقافة أن يتصرف مع بناته تحت وطأة تلك المواقع.
في سجلات الشرطة، وملفات مرشدي المدارس، مصائب تجعلنا نقف بلا تردد مع الحملة. وهذا لا يلغي الجهد التربوي والتثقيفي الذي يقع على عاتق الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والتنشئة. وعلى كارهي الإسلاميين أن يدققوا في تجارب العالم.
ففي بريطانيا مؤخرا، حذر أعضاء في مجلس العموم البريطاني وخبراء بريطانيون من ازدياد عدد الأطفال المدمنين على المواد الإباحية، بعد أن كشفت دراسات أن واحدا من بين ثلاثة أطفال في العاشرة من العمر شاهدوا مواد فاضحة، في حين أظهرت تقارير أن أربعة من أصل خمسة فتيان وفتيات في سن 16 عاما يقومون بالوصول بانتظام إلى المواد الإباحية على الإنترنت. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من ربع المرضى الصغار الذين يخضعون للعلاج في عيادات خاصة يتلقون المساعدة بسبب الإدمان على المواد الإباحية على شبكة الإنترنت. في حين قال ثلاثة أرباع الأطفال في مسح ميداني إن أسرهم لا تناقش معهم الصور الجنسية على الإنترنت.
وأكد علماء الاجتماع لمجلة العلوم النفسية، أن هناك أدلة دامغة على أن المواد الإباحية لها آثار سلبية على الأفراد والمجتمعات، إذ إنها تظهر الجنس بطرق غير واقعية، وتؤثر على الأطفال بشكل أساسي.
وكانت بريطانيا قد وضعت قيودا على المواد الإباحية على الإنترنت؛ إذ تلزم البالغين باشتراك مالي إذا كانوا راغبين بمشاهدة هذه المواد. لكن تنامت مطالبات الآباء بتشديد الرقابة وسد كل الفجوات لمشاهدة الصور الإباحية على الشبكة العنكبوتية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية، في تصريح للجزيرة نت، إن المملكة المتحدة لديها “إطار قانوني متين يوضح ما هو حاليا غير قانوني وغير مشروع على الإنترنت”. وأوضح أن سياسة الحكومة تسعى إلى “تحقيق توازن بين حرية التعبير وحماية الجمهور، مشددا على ضرورة أن تكون هذه الضوابط متناسبة مع الضرر المحتمل الذي يحدث”.
في بريطانيا يكرهون الإسلاميين، ولكنهم يحبون أطفالهم أكثر.

هل تريد التعليق؟