مقالات

يكفي سفنا إلى غزة!

أدى الأبطال على السفن مهمتهم، تماما كما قامت الحكومة التركية بواجبها. وكسبت قضية فلسطين في الأسبوع الماضي ما لم تكسبه منذ الحرب على غزة. ذلك كله وغيره لا يعني الاختباء وراء تلك السفن. ولا يعفي ذلك الحكومات العربية من مسؤولياتها في هذا الصراع، فأردوغان حاكم تركيا، وليس السلطان عبدالحميد الذي في عنق الأمة الإسلامية بيعة له.

هي مقاومة مدنية سلمية تؤدي غرضها، لكنها لا تلغي المقاومة العسكرية المشروعة والمطلوبة في القوانين الدولية. عندما تقاتل حماس لا تخرج عن الشرعية الدولية، بل هي تنفذها لأن مجلس الأمن لا يطبق قرارات الشرعية الدولية وفق الفصل السابع، أي بالقوة.

ولو أن العالم قام بواجبه لوقف عدوان الصهاينة، لما احتاج الفلسطينيون إلى التضحية بأنفسهم من أجل وقف العدوان. وعندما يقاتل حزب الله يطبق قرارات الشرعية الدولية، التي لا يلتزم بها الإسرائيليون، وأهميته أنه يقاتل، وليس مطلوبا منه إرسال سفن تقاوم سلميا حسب ما أعلن أمينه العام، فتلك مهمة نشطاء مؤسسات المجتمع المدني.

اشتد الحصار على مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة، لأن حماس حركة المقاومة المشروعة أسرت جنديا محاربا اسمه شاليط. وهي لا تطالب مقابله بتحرير الأقصى وإنما الإفراج عن مختطفين عند العصابة الحاكمة الإسرائيلية. وهي عندما حكمت لم تقم بانقلاب، وإنما فازت بانتخابات، وتعرضت لانقلاب شاركت فيه قوى محلية وإقليمية ودولية، وقبلها لم تكن غزة تنعم بالحرية. كانت سجنا بظروف محسنة. وإلى اليوم لم يفرج عن سكان الضفة وإنما تحسن شروط سجنهم إغراء لسجناء غزة. وفي الحصار على غزة لم تكن إسرائيل وحدها تحاصر. وعلى قول المتنبي “وكم ذا بمصر من المضحكات”، فُتح معبر رفح وقرّر عمرو موسى زيارة غزة! “ولكنه ضحك كالبكا”!

لنتذكر عندما نجحت كتائب القسام في تفجير الجدار مع مصر، وتكامل ذلك مع ضغط شعبي، تدفق الآلاف إلى رفح المصرية، خرج الرئيس مبارك بخطاب يسمح بتدفق الأمر الواقع لأنه “ما يصحش الناس تجوع”، ولم تقم يومها دولة فلسطينية في سيناء! ثم عاد وأطبق الحصار وجاعت الناس وبني الجدار الفولاذي!

انس كل ذلك، القضية ليست الحصار، الحصار عرض للاحتلال. من حق كل فلسطيني على أرضه أن يغادر متى شاء برا أو جوا أو بحرا، ويعود متى شاء حتى يكون مساويا لأي إنسان آخر.

لم يقاوم ركاب سفينة مرمرة عسكريا، لكن كان من حقهم أن يقاوموا عسكريا القراصنة. فهم لم يكونوا شرطة مكافحة شغب في شوارع لندن لا يجوز إطلاق الرصاص عليهم. إنما كانوا قراصنة يجب قتالهم وجلبهم للمحاكم العادلة. فقتال المعتدين كما هو فرض ديني واجب أخلاقي.

القوانين الدولية تطبق بالقوة، وليست موعظة حسنة، سواء في مياه المتوسط ام في القدس أم في غزة.

هل تريد التعليق؟