يستمتع المعنيون بتوجه ضربة إلى إيران بإجازاتهم على شاطئ مشمس هذا الصيف. ولا يوجد تفسير منطقي غير ذلك لخفوت النقاش حول الضربة وجدواها وضرورتها وحجمها وطبيعتها. ولم نعد نسمع لأوباما وماكين تصريحات تهدئة أ, تصعيد . وحدهم الإسرائيليون الذين لا يزال الموضوع شاغلا لهم، على الرغم من الصيف اللاهب سياسيا عندهم.
رئيس وزراء في مهب الريح بعد اقتراب أغلال الشرطة من يديه اللتين يشتبه في تلقيهما رشى. صفقة تبادل مذلة مع حزب الله، تهدئة مهينة مع حماس في ظل الاحتفاظ بشاليط واستمرار الخروقات ( 18 صاروخا حتى الآن ). ومع ذلك لضرب إيران حيز في النقاش الإسرائيلي.
آخر المفاجآت كان ما كشفته هآرتس نقلا عن ممثلي دولة عربية التقوا بإسرائيليين ألمحوا بأنهم ” لن يعارضوا عملية عسكرية اسرائيلية ضد ايران”. وحسب الصحيفة ، فقد أشاروا “الى أن السبب في ذلك هو قلقهم من توسع النفوذ الايراني في المنطقة، ولا سيما في اوساط الطوائف الشيعية في الدول العربية”. وألمح وزير الدفاع ايهود باراك أمس بان اسرائيل ستكون مستعدة لان تهاجم ايران. حين قال “اسرائيل هي الدولة الاقوى في المنطقة وقد أثبتت انها لم تتردد في الماضي في عمليات عندما يكون هناك تخوف يمس بمصالحها الحيوية”.
وتضيف الصحيفة نقلا عن المصادر ذاتها :”ان دولا عربية اخرى قلقة هي ايضا من السياسة التي تنتهجها ايران. بعض الدول العربية تخشى ان يؤدي التعاظم الايراني الى الشقاق بين السنة والشيعة. هذا التخوف قائم اساسا في دول عربية توجد فيها أقلية شيعية”.
وزير الدفاع ايهود باراك قال أمس في جلسة مكتب حزب العمل في تل ابيب متناولا المسألة الايرانية انه “في هذه اللحظة التركيز هو على عقوبات دولية ونشاطات دبلوماسية حثيثة ويجب استنفاد هذه الافاق”. إلا أن الإصرار الإسرائيلي على مواجهة إيران لا يقلل من تقديرهم لقوة النفوذ الإيراني. باراك نفسه الذي لوح بالتهديد كشف أن “كمية الصواريخ التي لدى حزب الله تضاعفت مرتين وربما ثلاث مرات، ومداها ازداد بحيث أنها تكاد تغطي كل مناطق دولة اسرائيل”. هكذا قال امس وزير الدفاع ايهود باراك. وحسب باراك فقد “طرأ تآكل كبير في قرار 1701 لمجلس الامن (لوقف النار بعد حرب لبنان الثانية)، وحزب الله يتسلح من دون صعوبة. في نشاط ايران، وحزب الله وحماس توجد طاقة كامنة للمواجهة”.
ونقل وزير الدفاع الاسرائيلي امس رسالة الى ايران بان اسرائيل لن تتردد في استخدام القوة العسكرية للدفاع عن نفسها. وقال في جلسة مكتب حزب العمل في تل أبيب ان “ايران هي تحد ولكن ليس فقط لاسرائيل بل وللعالم بأسره. اسرائيل هي الدولة الاقوى في المنطقة واثبتت في الماضي ايضا في أنها لا تتردد في العمل عندما يكون على الكفة مصالح أمنية حيوية”.
ومع ذلك فقد أشار باراك الى أنه يجب ايضا النظر في الرد الايراني في حالة هجوم اسرائيلي مشددا على أن “لا نعفي أنفسنا من المسؤولية في اتخاذ القرارات ولا نعمل في فراغ. اسرائيل قوية جدا ولكن هذا لا يعني اننا حصينون من رد الفعل من أعدائنا ويجب النظر فيه ايضا”.
لا يتوقف النقاش في إسرائيل عن الضربة الآن ، في يديعوت مقال يحلل ما بعد نجاح الضربة ويحذر من مخاوف أن يؤدي النجاح إلى تحد آخر غير مسبوق من “الإرهاب” بحسب افيعاد كلاينبرغ فإن “الهجوم الاسرائيلي على ايران قد يتحول الى خطوة اولى في الحرب الدينية التي ستجبي منا ثمناً هائلاً”. ويتساءل “ولكن حتى ان افترضنا ان اسرائيل مستعدة للاقدام على المخاطرة للحفاظ على وحدانيتها النووية في المنطقة، فليس واضحاً الى اي حد يمكن للعملية العسكرية الإسرائيلية ان توقف المشروع النووي الايراني على المدى الزمني. بعد حرب لبنان الثانية وعدنا بأن يحتاج حزب الله لسنوات حتى يعيد تسليح نفسه. ولكن يبدو الان انه افضل تسلحاً مما كان عليه قبل الحرب”. وإذ يسلم الكاتب بأن الضربة قد لا يكون هناك مفر منها إلا أنه يحذر من عدم المناقشة الكافية لها. فهل نحن جاهزون لمعركة لا تنتهي من هذا القبيل؟ من المحتمل ان لا يكون هناك مفر من ذلك ولكن يقلقني انني لا اسمع نقاشاً جديا حول هذه المسائل. من الاجدر بنا ان نتوقف للتفكير قبل الاقدام على الفعل بلحظات.
وكأن الحرب ستجري في النجوم ، وإن صح أن عربا طمأنوا الإسرائيليين بخصوص الضربة فإن عربا آخرين يكونون قد أسروا إلى إيران بالمثل. وفي الحالين يظل قرار الحرب والتعامل معها شأنا ثنائيا بين إسرائيل وإيران.
لا أستبعد أن يصادف المسؤولون العرب نظراءهم الأميركيون في إجازات الصيف، وسيتجنبون الخوض في نقاشات توجع الرأس. المؤكد أن المسؤولين في إيران وحزب الله لن يأخذوا إجازات هذا الصيف، تماما كما الإسرائيليين !
هل تريد التعليق؟