مر خبر إعدام حاكم كوريا الشمالية لعمه الذي تولى تربيته، مرور الكرام على “النخب” الموالية للنظام السوري. مع أن العم الذي تآمر على ابن أخيه، يمكن أن يكون ضالعا في المؤامرة الصهيونية الأميركية التركية القطرية السعودية على الحليف السوري. هنا لا يمكن إغفال المساعدات التي قدمتها الدولة النموذج لنظام الممانعة في تطوير صناعته العسكرية التي فتكت بالعدو، وتمكنت حتى اليوم من تشريد نصف سكان سورية؛ نزوحا في الداخل ولجوءا في الخارج.
ليست كوريا الشمالية وحدها. لا يوجد حليف واحد للنظام السوري ليس نظاما شموليا؛ سواء شمولية دينية كالنظام الإيراني، أم شمولية علمانية كالصين وروسيا، وصولا للنموذج الكوري الشمالي. سورية لولا الثورة التي كلفت الشعب السوري دماء نحو مائتي ألف شهيد، كانت في طريقها إلى المرحلة الكورية.
التشابه بين النظامين كبير جدا، والفارق هو في الشعب السوري الذي رفض الخنوع. فلا أحد ينسى وقفات “مجلس الشعب” التي لا يتوقف التصفيق الحار فيها للسيد الرئيس. في كوريا الشمالية، وفي حيثيات الحكم، فإن العم المتآمر “صفق بفتور”. وتلك تهمة لا يجوز التساهل فيها لا في سورية ولا في كوريا.
يحدثونك عن شمولية “دولة العراق والشام الإسلامية” وعن “الجبهة الإسلامية” وغيرهما من تنظيمات جهادية، وكأنها تريد أن تقضي على النموذج الديمقراطي لآل الأسد. تلك التنظيمات ليست إلا انفجارا طبيعيا في وجه الإجرام المتمادي، والذي شاركت فيه كل شموليات العالم؛ من كوريا الشمالية إلى إيران. وفي الوقت نفسه، يهاجمون علم الاستقلال ودستور الاستقلال، باعتبارهما من مخلفات الاستعمار الفرنسي.
أولئك الشموليون الذين يصفقون بحرارة من دون توقف، ينكرون حضارة الشام وإرثها، ثقافة وفكرا وسياسة؛ فهي بدأت بالأسد الأب وتنتهي بالابن، أو تستمر بالحفيد، مع أن سنوات حكم تلك العائلة هي الأسوأ في تاريخ سورية القريب والبعيد.
إنها عبادة الشخص بالمعنى الحرفي. ليست مجرد بناء أصنام له، والتصفيق له بحرارة بلا توقف، بل باختصار الدولة والمجتمع به، وتنزيهه عن المعارضة والنقد.
مؤيدو الثورة السورية ينتقدون ويخطّئون المجلس الوطني والائتلاف والجبهة الإسلامية والأركان وبرهان غليون والجربا والبيانوني والجولاني والبغدادي، لكن منْ من مؤيدي النظام ينتقد القائد الملهم، أو شقيقه ماهر؟
أيدوه باعتباره الممانع الذي يقف في وجه أميركا وإسرائيل. حسنا. هو اليوم يعرض نفسه باعتباره أداة لمواجهة “الإرهاب” الذي يهدد إسرائيل وأميركا. ويسر الإعلام المحسوب عليه كثيرا بأي إيماءة من مسؤول أميركي، ولو متقاعد، يشيد فيها بالجهود السورية في محاربة الإرهاب.
لا يملكون غير التصفيق بحرارة. وهذه من طقوس عبادة الشخصية. أما الشعب السوري، فقد أثبت أنه يملك الكثير من التضحيات التي لم يسبقه إليها أحد في العالمين.
ملاحظة أخيرة، الخبر بلا تصرف ولا سخرية، نقل عن وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية عن الحكم بالإعدام على عم رئيس الدولة، والذي تولى تنشئة هذا الأخير وتربيته، قبل أن ينتقل إلى الحكم من أبيه الذي ورثه عن جده. العم بنظر ابن أخيه “حثالة” و”أسوأ من كلب” لأنه “صفق بفتور”!
هل تريد التعليق؟