يشكل مقال الكاتب الاسرائيلي الشهير بن كسبيت في صحيفة معاريف اليوم حلقة في سلسلة مترابطة تتجاوز الإعلام الإسرائيلي إلى الإعلام العالمي الذي تؤثر فيه اللوبيات الصهيونية. يتناول المقال الطويل عن الحرب في غرة موقف قطر بالتحريض، من خلال عنوان فرعي
:دولة تُصنّف ”داعمة للإرهاب”، وتقود التحريض ضد إسرائيل عالميًا، وتستثمر مبالغ طائلة في بناء آلة حرب حماس، التي يلجأ قادتها إلى أراضيها ويقيمون في قصورها بشكل دائم، وتدفع عشرات الآلاف من الدولارات لأقرب مستشاري رئيس الوزراء في أوقات الحرب. ويتلقى الأشخاص المطلعون على أدق أسرار المؤسسة الأمنية دفعات منتظمة من قطر، بينما تشن حربًا على منظمة تدعمها قطر منذ سنوات، وتنتمي إلى نفس التيار الأيديولوجي المتطرف الذي تنتمي إليه قطر (“الإخوان المسلمون”)، وهو أمرٌ يكاد يكون مُسلّمًا به لدى الجمهور الإسرائيلي.”ومن المتوقع أن يواجه المؤرخون وعلماء الآثار في المستقبل تحديات إضافية. وهناك قضية أخرى لن يتمكنوا من تفسيرها لأنفسهم وهي القضية القطرية. سوف يراجعون النصوص والاقتباسات والبيانات ولن يفهموا كيف يمكن لدولة تم تعريفها من قبل الجميع تقريبًا، بما في ذلك نتنياهو وابنه وأقرب المقربين منه، أن تنجح في تجنيد عملاء داخل مكتب رئيس الوزراء، دون أن يكون ذلك مرعبًا ويسبب زلزالًا بحجم التوراة.”
تاريخ العلاقة بين قطر والإخوان أو حماس، لا يشكل منها حالة استثنائية في العالم العربي. فحماس لم تولد في قطر؛
ثم انتقل مكتبها السياسي إلى الأردن، وبقي يعمل رغم معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية (1994)، إ
وتسبب ذلك بأزمة في العلاقات الأردنية القطرية خصوصا بعد إصرار المهندس إبراهيم غوشة الناطق الرسمي باسمها على العودة إلى الأردن كونه يحمل جنسية أردنية . خلال عام غادرت قيادة حماس إلى دمشق، لم تتمسك بها قطر، وحافظت على علاقة جيدة معها، ثم عادت بعد عقد مكرهة أيضا بسبب الثورة السورية.
وجد الإخوان المسلمون، كما حماس، ملاذًا في دول عديدة غير قطر: السعودية، الأردن، الكويت، أوروبا، وأمريكا. و
، كما فعل سعيد رمضان أو كامل الشريف وغيرهم .للمقارنة: استضاف الأردن كامل الشريف، قائد مقاتلي الإخوان في حرب 1948، وقائد مقاومة الإنجليز في قناة السويس ، وصار مبعوثًا خاصًا للملك للملك حسين ، ووزيرأوقاف، وشقيقه محمود ( كان مسؤول الإخوان في العريش ) صار وزيرا للأعلام، وابنه نبيل كذلك. ومحمود انتقل إلى قطر ليؤسس إذاعتها.
من المهم التذكير أيضًا أن البلد العربي الوحيد الذي تبنّى موقفًا استئصاليا ضد الإخوان هو سوريا من خلا
. لكن دمشق نفسها استضافت قيادة حماس، خالد مشعل كان المراقب العام للإخوان في فلسطين. والمفارقة أن إسرائيل نفسها سمحت للإخوان بتأسيس الجامعة الإسلامية في غزة، التي خرجت معظم قيادات حماس من هنية إلى السنوار . واليوم، في الوقت الذي يُهاجم فيه دور قطر، هناك حركة إسلامية إخوانية (الجنوبية) تشارك في العملية السياسية الإسرائيلية ومنصور عباس زعيم الحركة الاسلامية الجنوبية شارك في الائتلاف الحاكم .
القضية إذن ليست “إخوان” ولا “حماس” ولا “قطر” ولا “تركيا”. القضية باختصار هي الموقف من الصهيونية: من يقبل روايتها كما فعل منصور عباس يُغفرما تأخر وما تقدم ، ومن يعارضها يُجرّم ويُلاحق. أما قطر، فهي لم تستخدم إلا سلاح الدبلوماسية والوساطة، دفاعًا عن الفلسطينيين في مواجهة حرب إبادة غير مسبوقة.والمفارقة أن مقال بن كسبيت نُشر في اليوم نفسه الذي صدر فيه تقرير أممي عن المجاعة في غزة. إسرائيل تريد من قطر أن تكف عن الوساطة وأن تُشيد بها لأنها “تسمح بإدخال الطعام” بينما تحاصر القطاع. لكن الحقيقة أن الوساطة القطرية هي أرقى أشكال العمل السياسي والإنساني في عالم اليوم، وهو ما تشهد به الأمم المتحدة نفسها، والولايات المتحدة أيضًا التي اعترفت مرارًا بدور قطر في غزة وأفغانستان. وللتاريخ البلد الوحيد في العالم الذي لا يوجد فيه تنظم للإخوان هو قطر، لأن التنظيم حل نفسه في العام ١٩٩٩. هذه هي الحقيقة بعيدا عن مسلسل الأكاذيب.
هل تريد التعليق؟