مقالات

خبر عاجل.. أكثر أهمية من رحيل الحكومة

من الطريف أن الأنباء عن رحيل الحكومة جاءت عشية الإعلان عن استطلاع الرأي الدوري الذي يجريه مركز الدراسات الاستراتيجية حول شعبية الحكومات، وكأنه جاء ليفسر لماذا رحيل الحكومة؟ وفي ظل هشاشة المؤسسات السياسية رسميا وشعبيا يخال المواطن أن تشكيل الحكومات وترحيلها يتمّان في غرف الأخبار.

والحال أن دور الإعلام بالأساس هو النقل بأمانة، والحكومات ترحل وتبقى لأسباب يشارك الناس في صناعتها، ولا يمكن بقاء حكومة حتى في غياب مجلس النواب والناس غير راضين عنها. هذه طبيعة النظام الأردني التي لم تتغير حتى في الأحكام العرفية. فلا يوجد حزب قائد ولا مؤسسة نافذة تفرض على الناس حكومة لا تتغير، الثابت هو العرش وما سواه متغير.

ولا شك أن الإعلام واستطلاعات الرأي المعلنة والسرية وغيرها من أدوات الرصد تسهم إلى حد كبير في بقاء حكومة أو رحيلها. ولذا تمارس جهات متعددة ضغوطا على الإعلام  وعلى مركز الدراسات الاستراتيجية أملا في ترحيل حكومة أو تثبيتها.

حكومة الرئيس نادر الذهبي لم تكن استثناء. فعندما رفعت أسعار المحروقات ضغط على مركز الدراسات الاستراتيجية في سبيل تأجيل استطلاع المائة يوم إلا أن المؤسسة الأكاديمية حافظت على استقلالها وأجرت الاستطلاع الذي أظهر رشدا في الرأي العام الأردني وتفهما لقرار غير شعبي إطلاقا.

بعدها وفي استطلاع العام والنصف مورست ضغوط من نوع آخر، فانكشاف الغطاء الأمني عن الحكومة شجّع جهات أخرى للضغط على المركز في سبيل التلاعب بالأرقام أملا في التعجيل برحيل الحكومة، في الغضون كان النواب يهاجمون المركز بدلا من أن يحسنوا أداءهم فرحلوا قبل الحكومة، في استطلاع العامين يقدم المركز تشخيصا للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي أهم من رحيل الحكومة أو بقائها.

يوجد غضب في أوساط قادة الرأي وعند العينة الوطنية، يتطلب فعلا ما هو أكثر من حل مجلس النواب أو رحيل حكومة. والحل الوحيد هو الإصلاح السياسي، وفي عينة قادة الرأي بدا مثلث الأولويات ساطعا: الفقر والبطالة والإصلاح السياسي. فالديمقراطية لا تخرج نفطا من تحت الأرض، لكنها تقنع الناس أنهم يديرون مواردهم الشحيحة بشكل كفؤ بعيدا عن الفساد أو الإسراف أو سوء الإدارة.

تضعف الثقة في مجلس النواب وفي الحكومة وفي الأحزاب مع كل استطلاع رأي. صحونا قبل عقدين وقيل لنا أن مديونيتنا سبعة بلايين، واليوم تضاعفت، بعيدا عن السوداوية فإننا نشاهد طرقا ومستشفيات ومدارس وجامعات وطلابا وموظفين ومستثمرين، وبعيدا عن الدعاية والترويج هل أديرت المديونية بكفاية واقتدار؟ الناس بحسب استطلاع الرأي تعتقد أن الفريق الوزاري وتحديدا المالي راسب.

هنا، العُقدة ضمن مواردنا، ألا يمكن أن نأتي بأفضل الخيارات؟ في الاستطلاع 45 في المائة فقط يثقون بأداء الحكومة الاقتصادي!

الخبر العاجل ليس في رسوب الحكومة، وإنما في غضب الجنوب: 41 في المائة من عينة إقليم الجنوب يعتبرون أن الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها!

هل تريد التعليق؟