مقالات

انتخابات الأردنية ..ما الجديد؟

في إحدى مدارس عمان الليبرالية أجريت انتخابات طلابية فصدم الأهالي من “عشائرية” الطلاب الدفينة. وصار المدينيون يبحثون عن عشائر ينتسبون لها حتى يكونوا زعامات ” شيوخا”. وهذا سيظهر حتى لو صارت انتخابات للعاملات في تنسيق الزهور.

في إحدى مدارس عمان الليبرالية أجريت انتخابات طلابية فصدم الأهالي من “عشائرية” الطلاب الدفينة. وصار المدينيون يبحثون عن عشائر ينتسبون لها حتى يكونوا زعامات ” شيوخا”. وهذا سيظهر حتى لو صارت انتخابات للعاملات في تنسيق الزهور.

العطب الذي ضرب المجتمع لم يستثن الجامعات. والمزاج السائد من العام 1993 معاد للإصلاح والديمقراطية. ومارس سياسة عنيفة وشرسة لتدمير الخلايا السياسية في المجتمع والجامعات وكأنها “سرطانية”. ولم يكتف بنقل قانون الصوت الواحد إلى الجامعات بل مورست سياسات عقابية إقصائية استئصالية بآلية أمنية.

بالنتيجة صحونا على الأطلال. لم نعد أمام معادلة الوطن هو مجموع مواطنين. صرنا موزعين في هويات فرعية لا تتوقف عن التوالد والانقسام. يوجد أردني وأردني من أصل فلسطيني، وشمالات وجنوبات وبدو ,حضر، وصريح ورمثا .. وفي كل جامعة في محافظة هوياتها التي يتناحر الطلاب عليها انتخابات وعنفا جامعيا.

بلا كوابح تهور سيارة المجتمع نحو الهاوية. لا يوجد استشعار للخطر ولا خطوات جدية لمواجهته. هل هي دعوة لإلغاء الانتخابات في الجامعات؟ قطعا لا. بل هي دعوة لأن تكون انتخابات كما يجري في العالم. هل شاهدتم طلاب فرنسا ومن بعدهم طلاب بريطانيا؟ ليس حلما غير قابل للتحقيق، كنا كذلك في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وصولا إلى منتصف التسعينيات.

أكسر رجليك وأقول لك شارك في سباق. لنصلح الرجلين وبعدها نطالب المجتمع بعامة والطلاب بخاصة بخوض السباق. لم ينتفض طلاب اليرموك في صيف 1986 احتجاجا على مشكلة مناطقية أوعشائرية، خاضوا نضالا طلابيا وحدهم من أجل حقوقهم المشروعة. بمعزل عن أصولهم وحتى عن انتماءاتهم السياسية. اليوم يفعل طلاب بريطانيا الشيء ذاته. في المقابل إلى أي درك انحدرت المشاجرات الطلابية؟

نستطيع أن ننافق ونمارس التزوير للوعي والتبخير للحكومات. وهذه مهمة يضطلع بها كتبة وباحثون ومتخصصون، لو أجريت استطلاعا اليوم في الجامعات هل ستؤيد الصوت الواحد، لوجدت أن الأكثرية تؤيده لأنه النظام الذي تعرفه وتمارسه بمعزل عن مخاطره، تماما مثل الأحياء التي تشرب مياها ملوثة وتظن أن طعمها طبيعي. ولكن في سنة اختراق الجامعات وفرض القانون عليها كان الطلاب يعارضونه باعتباره تدخلا وتزويرا. وهو ما ينطبق على قوانين الانتخابات غير الدستورية منذ العام 1993.

أتمنى أن تأتي انتخابات الجامعة الأردنية بجديد. وأن تكون كابحا للسيارة المهورة. ولكن الواقع لا يدعو للتفاؤل، نحتاج إلى العودة إلى القوانين الطبيعية التي تجرى فيها الانتخابات في كل العالم. والقوانين لا تعالج وحدها بل تتوازى مع أدوية أخرى في التعليم والثقافة. لقد وصل طلاب من مضارب بيوت شعر إلى الجامعات في السبعينيات وتحولوا إلى قيادات طلابية سياسية، واليوم يحول طلاب وأساتذة جامعات كلياتهم إلى مضارب يتشيخون فيها وكأننا في مسلسل بدوي طويل.

كان نصف سكان الأردن عندما تأسست الإمارة بدوا، ثم صرنا دولة حديثة. اليوم نرجع إلى البداوة بسبب فشل المدنية التي تعبر عنها الدولة. عندما تغيب الدولة تحضر العشيرة التي تأخذ لك حقك في الشارع والجامعة والحي وتوصلك إلى مجلس النواب، فلا نلومن الطلاب بل نلوم أداءنا السياسي الفاشل، ويا هلا بشيوخ البلاد النشامى طلاب الأردنية في مضاربهم (الطب والعلوم والحقوق..)، ولا أزاود على أحد.

About the author

ياسر أبو هلالة

Leave a Comment