الرئيسية » المدونة » بشار بين النموذج اليمني والنموذج الليبي

بشار بين النموذج اليمني والنموذج الليبي

يشير منطق الأحداث أن بشار الأسد يغذ الخطى نحو النموذج الليبي، وسيرسم نهاية شبيهة بنهاية العقيد معمر القذافي. فجنون السلطة يعميه عن الحقائق على الأرض، ويحسب أن الإجرام الوحشي والإفراط فيه قادر على تغيير هذه الحقائق، وقلب المعادلات المحلية والإقليمية والدولية. وما مجزرة الحولة إلا تعبير دقيق عن “الوحشية” باعتبارها مفردة من مفردات العمل السياسي السوري. <br />تشترك الصهيونية مع “الأسدية” في اعتماد الوحشية، مع فارق كبير بين عدو عاقل يدرك الحدود، ومجنون يطلق العنان للوحشية بلا حدود. يحاول النظام من خلال الوحشية أن يتبع مجازر الحركة الصهيونية التي استخدمتها لتهجير الفلسطينيين، وهو يريد رسم جغرافيا جديدة تسمح بـ”دويلة علوية” قابلة للحياة ومتواصلة مع الهلال الشيعي من إيران إلى العراق ولبنان. <br />ومشكلة المستبدين العرب أنهم خارج التاريخ، ويعتقدون أن عبقريتهم هي التي تمكنهم من حكم هذه الشعوب والضحك على العالم. فعندما ارتكبت الحركة الصهيونية جرائمها، لم يكن العالم قد اكتشف الإنترنت وتجلياته في “يوتيوب” و”سكايب” و”فيسبوك”، وعندما ارتكب الأسد الأب مجرزة حماة وقتل أربعين ألف إنسان، لا يوجد إلى اليوم توثيق فيديو لها. في المقابل، شاهد العالم توثيق مجزرة الحولة البشعة خلال ساعات، وبدا إنكار النظام مخزيا ومضحكا. <br />يمكن أن يكون بشار غير ذي صلة بالمجزرة من حيث التوقيت والتفاصيل، فهو كون جيشا من الشبيحة المؤمنين به، والذين يتصرفون ميدانيا بحرية؛ لكنه يتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة بما أنه القائد العام المسؤول عن كل الفرق والفروع. ولا يعفيه من المسؤولية غير التنحي. وهذا مدخل الحل اليمني الذي يتحمس له أوباما، بحسب “النيويورك تايمز”. <br />ويراهن أوباما على روسيا، الحليف الأوثق، لتمرير هذا الحل. ومع أنه لا يريح الضحايا، ويكرس مبدأ عدم المساءلة، إلا أن التفكير بعقلانية وبعيدا عن العواطف يبدو أقل الحلول سوءا بالنسبة للشعب السوري. فالمطلوب بشكل ملح هو وقف المجازر، وهذا يتحقق بتنحي بشار. وقد بدا جليا في كل بلدان الربيع العربي أن البلطجية يختفون مع سقوط النظام؛ فالمعارضة حتى عندما تكون مسلحة لها قيم ومعايير أخلاقية وقانونية. في اليمن كانت تمتلك فرقة مدرعة ونحو ثلثي الجيش اليمني، ولم تقتل مدنيا، وكذا في ليبيا. <br />فاروق الشرع ليس عميلا لأميركا ولا للصهيونية، وهو أكثر “بعثية” من بشار ذاته. وليس في سيرته ما يشير إلى دموية أو فساد، هو من قلة في سورية تعبر عن الوجه الطبيعي لبيروقراطية الدولة. ومع اندلاع الثورة لم ينحز إلى أهله في حوران ولم ينجر إلى وحشية النظام. بقي على مسافة واحدة من الثورة والإجرام. وأحبطت أجهزة الأمن الدموية مشروعه الحواري. وهو اليوم معتكف لا يعلم عنه شيء. <br />قد تقبل المعارضة والدول الحليفة لها وروسيا بالنموذج اليمني، ولكن هل سيقبل به بشار وعصابته الضيقة وإيران وحزب الله؟ الأرجح لا. وهو ما يدفع البلاد نحو النموذج الليبي. فالثوار يتقدمون كل يوم على الأرض وهم بالأسلحة الخفيفة، ولو سمحت أميركا بدخول الأسلحة التي تصفها بـ”الفتاكة” للثوار، لحسمت المعركة في أقل من شهر. في ليبيا لم يحسم المعركة طيران “الناتو” على أهميته، ما حسمها صواريخ الميلان الفرنسية القادرة على تدمير الدروع من مسافة 8 كيلومترات. وهو ما أبطل قيمة كتائب القذافي. ما تخشاه واشنطن أن تنتقل الأسلحة الفتاكة إلى أيدي أعداء إسرائيل. فعلا، المشكلة هي في إسرائيل، وهي أيضا تفضل الحل على النموذج اليمني! <br />yaser.hilila@alghad.jo <br /> <br />الغد</p></div></h4>
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *