مقالات

تكتل إقليمي لا يستثني الأردن

“إن الجغرافيا والمصالح المشتركة فرضتا الآن تعزيز تكتل إقليمي يلبي مصالح الشعوب، ويجمع بين أربعة أطراف وهي سورية وتركيا وإيران والعراق، في تكتل إقليمي نأمل أن يتحقق بعد تشكيل الحكومة العراقية، وأن يكون العراق موحدا أرضا وشعبا، وأن تزول كل هذه الأمور التي تجري على الساحة العراقية بخروج قوى الاحتلال. ما يجري الآن في العراق نتيجة حتمية لوجود قوى الاحتلال، وعودة العراق إلى أمنه موحدا وقويا، ستخلق قوة للتكتل الإقليمي لأن مصالح الدول الأربع تكاد تكون واحدة”.

ذلك التكتل آخر ما حرر في السياسة السورية، وهي سياسة مهما اختلفت معها تظل “استراتيجية”، بمعنى أن ما صرح به ناجي عطري لصحيفة القدس أمس، ليس زلة لسان بقدر ما هو عنوان جديد تلتزم به الدولة والمجتمع وما بينهما. وفي المقابلة شن هجوما معتادا على لسان المسؤولين السوريين على “العدو الصهيوني”، ولا شك أن التحالف جزء من الاستعانة بالحلفاء على العدو.

يفرق بين الدول الأربع الكثير، سياسة واقتصادا وثقافة. ولعل الفتنة المذهبية الكبرى على أرض العراق أشد ما يفرق. ذلك لم يمنع من البحث عما يجمع في المصالح والمبادئ. أقله التجمع في مواجهة “العدو الصهيوني”. ولعل البلد الوحيد الجاذب في التكتل الرباعي هو تركيا، سواء في نظامه السياسي التعددي أم بأدائه الاقتصادي أم باقترابه من الجغرافيا الأوروبية. في المقابل لا تزيد جاذبية العراق وإيران على كونهما منتجين للنفط الذي لا يكف عن الارتفاع.

تتهم الأحزاب النافذة في العراق بأنها “عميلة لإيران” في المقابل تتهم الأحزاب السنية بأنها “عميلة للمقاومة”، وبالنتيجة لا يوجد في عراق تحت الاحتلال من يوالي أميركا التي أوصلتهم للحكم. وهو ما يفسر ثقة رئيس الوزراء السوري بانضمام العراق (في ظل أي تحالف داخلي) إلى التحالف الرباعي.

ما يزال الاتحاد الرباعي حلما، إلا أنه قابل للتحقيق، وهو الوحيد القادر على لجم عدوانية “إسرائيل”، تماما كما أنه الوحيد القادر على إبداع أسواق كبرى تغري العالم الصناعي تماما، كما تقوي وتدعم رأس المال العربي والإسلامي. وفي اتحاد كهذا ستتحول العقوبات على إيران نعمة كبرى لدول المنطقة. مع أن تركيا قامت بجهد استثنائي أمس هي والبرازيل في سبيل تجنيب إيران العقوبات.

نحن في الأردن علينا أن نبادر إلى التحالف الرباعي، ولا يزهدنا فيه غير تطور استراتيجي بديل، وهو انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي، وعلى الأقل دخوله في تحالف ولو ثنائي مع السعودية. وهي وحدها أكثر جاذبية من التحالف مجتمعا. وربما تدرك الدول الأربع حساسية الوضع الأردني، فعلاقات الأردن مع الولايات المتحدة ودول الخليج تحول دون الاقتراب من إيران. في المقابل علينا أن نتذكر حجم التقارب مع عراق صدام حسين في الوقت الذي كانت العلاقات مع أميركا والخليج -وحتى مع إسرائيل- في أوجها.

ليس خطأ الدخول في تحالفات جلبا لمصالح ودرءا لعدوان، الخطأ هو الانعزال أو حصر التحالف بالولايات المتحدة، التي تحزم حقائبها مغادرة المنطقة، آسفة على ما خسرته من مئات البلايين وآلاف القتلى والمصابين من دون أن تخرج بعقد نفطي ولا نظام صديق!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *