قال الرئيس التونسي قيس سعيّد أمس الجمعة إن “بلاده لن تقبل أي تدخل أجنبي”، وذلك في ظل مواجهته ضغوطا متزايدة من حكومات غربية لإعادة النظام الدستوري بعد سيطرته على السلطة في يوليو/تموز الماضي.
وقالت الرئاسة التونسية إنه دحضا لما وصفتها بالادعاءات فإن الرئيس قيس سعيد أكد أثناء لقاءاته مع سائر الوفود الأجنبية أن تونس دولة ذات سيادة والسيادة فيها للشعب ولا مجال للتدخل في اختياراتها التي تنبع من الإرادة الشعبية.
وأضاف البيان أن تونس لا تقبل أن تكون في مقعد التلميذ الذي يتلقى دروسا ثم ينتظر بعد ذلك العدد الذي سيتم إسناده إليه أو الملاحظة التي ستدون في بطاقة إعداده، وفق تعبير بيان للرئاسة التونسية.
وتابع “سيادة الدولة التونسية واختيارات شعبها لم تطرح أصلا في النقاش، ولن تكون موضوع مفاوضات مع أي جهة كانت”.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، أصدر الرئيس سعيد قرارات بتجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية، بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
ورفضت أغلب أحزاب تونس قرارات سعيد -التي مدد في 24 أغسطس/آب الماضي العمل بها إلى أجل غير مسمى- وعدّها البعض “انقلابا على الدستور”، في حين أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها “تصحيحا للمسار”، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
دعوات غربية
وفي وقت سابق أمس الجمعة، دعا مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل -عقب اجتماعه مع الرئيس سعيد- إلى عودة البرلمان والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية في البلاد.
وقال بوريل -في بيان أصدرته المفوضية الأوروبية- “نقلت إلى الرئيس المخاوف الأوروبية في ما يتعلق بالحفاظ على مكتسبات الديمقراطية في تونس، وهي السبيل الوحيد لضمان استقرار البلاد وازدهارها”.
وأضاف أن الممارسة الحرة للسلطة التشريعية واستئناف النشاط البرلماني جزء من هذه المكتسبات، ويجب احترامها.
وشدد المسؤول الأوروبي على قيادة البلاد نحو استعادة الاستقرار المؤسساتي والحفاظ على ثوابتها الديمقراطية، وفق ما ورد في بيان المفوضية الأوروبية.
وأشار بوريل إلى تشبث الاتحاد الأوروبي بترسيخ الديمقراطية في تونس، واحترام دولة القانون والحريّات الأساسية، مؤكدا -في المقابل- احترام الاتحاد الأوروبي السيادة التونسية.
وكان سفراء مجموعة الدول السبع الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان) لدى تونس دعوا الاثنين الماضي الرئيس التونسي قيس سعيد إلى سرعة تعيين رئيس جديد للحكومة، والعودة للنظام الدستوري الذي يقوم فيه البرلمان المنتخب بدور كبير.
وقبل ذلك، زار تونس وفد من الكونغرس الأميركي وآخر من البيت الأبيض، وحث الوفدان الرئيس التونسي على العودة إلى المسار الديمقراطي، والإسراع في تشكيل حكومة جديدة.
مواقف حزبية
في الأثناء، استنكر عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية التونسية تصريحات مستشار الرئيس التونسي التي عبّر فيها عن نية رئيس الجمهورية تعليق العمل بدستور عام 2014 وتغيير النظام السياسي.
فقد قال حزب التيار الديمقراطي -في بيان- إن على رئيس الجمهورية توضيح موقفه بهذا الشأن، واحترام الدستور.
ورفض الحزب ما وصفها بالمحاولات الفردية لتغيير العقد الاجتماعي واستغلال غضب التونسيين لفرض خيارات سياسية.
كما عبر الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي والوزير السابق محمد عبو عن معارضته تعليق العمل بالدستور، وقال إن تعديله يمكن أن يتم في ظل برلمان منتخب مقبل، مضيفا أن الهدف من اللجوء إلى الفصل 80 كان تفكيك ما وصفها بمنظومة الفساد السياسي، وليس تعديل الدستور والذهاب نحو نظام رئاسي.
أما حزب “حراك تونس الإرادة” فقد رأى أن التصريحات تثبت ما سماه “المنحى الانقلابي” الذي اتبعته رئاسة الجمهورية منذ 25 يوليو/تموز الماضي.
وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي إن مستقبل النظام السياسي شأن وطني ولا يجوز لرئيس الجمهورية الاستفراد به وتحويره ليتماهى مع قناعاته.
في المقابل، عبر نائب عن الكتلة الوطنية عن استغرابه مما وصفه بـ”تباكي البعض على الدستور الحالي”، واصفا إياه بالمفخخ الذي جزّأ السلطة وخلق الأزمات ولم يقدم حلولا للتونسيين، وفق تعبيره.
خارطة طريق
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل ما قال إنها “خارطة طريق” أعدها خبراؤه لإدارة المرحلة الاستثنائية التي تعيشها تونس.
وتقترح خارطة الطريق الإسراع في تشكيل حكومة كفاءات وطنية مصغرة بالتشاور بين رئاسة الجمهورية والمنظمات المدنية.
كما دعا الاتحاد إلى تشكيل هيئة استشارية تكون مهمتها وضع تصور قانوني لإصلاح النظامين السياسي والانتخابي والدستور، مع ضرورة وضع سقف زمني للإجراءات الاستثنائية والحسم في مصير البرلمان الحالي.
وفي المجال الاقتصادي، تقترح الخطة إطلاق إصلاحات اقتصادية عاجلة وإعداد موازنة تكميلية للسنة الحالية، إضافة إلى ضرورة التدقيق في الوضع المالي الحالي للبلاد، وفي طرق التصرف بالقروض التي حصلت عليها تونس.المصدر : الجزيرة + وكالات