استنكرت 21 منظمة تونسية، ما أسمته نهج القمع البوليسي الذي استهدف المحتجين في مظاهرات الجمعة، محمّلة الرئيس قيس سعيد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين مسؤولية ذلك، لتتسع بذلك دائرة التنديد في أوساط الأحزاب والهيئات الحقوقية، فيما توعد الرئيس من يحاول إسقاط الدولة.
وجاء ذلك في بيان مشترك وقّعته تلك المنظمات والجمعيات (جميعها غير حكومية)، بينها نقابة الصحفيين التونسيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، ومنظمتا البوصلة و”محامون بلا حدود”.
وخرجت الجمعة احتجاجات استجابة لدعوات حزبية، رفضا لإجراءات الرئيس قيس سعيد وتزامنا مع ذكرى الثورة التونسية 14 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وقد أعلنت وزارة الداخلية، في بيان، استخدام المياه لتفريق المتظاهرين منعا لوصولهم إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة لمخالفتهم قرارا حكوميا يقضي بمنع المظاهرات بدعوى تفشي فيروس كورونا.
وأفادت مصادر حقوقية للجزيرة بأن النيابة العامة قرّرت إيقاف 15 متظاهرا بينهم القيادي المستقيل من حزب ائتلاف الكرامة عماد دغيج، بينما أمرت بإطلاق سراح 17 آخرين، وذلك على خلفية مظاهرات الجمعة في شارع الحبيب بورقيبة.
“القمع البوليسي”
وقال البيان المشترك للمنظمات الـ21: تعبر المنظمات عن سخطها من نهج القمع البوليسي الذي استهدف المتظاهرين الجمعة بما يشكل وصمة عار في ذكرى الثورة.
واعتبر أن هذا القمع الذي يؤشر لسعي السلطة للتحكم في تونس بآليات غير ديمقراطية وغير مدنية، لن يؤدي إلا إلى تغذية الغضب تجاه المؤسسة الأمنية وإلى تعميق الأزمة بين المواطنين والدولة.
وحمّلت المنظمات رئيس الجمهورية ووزير الداخلية مسؤولية ذلك، واتهمت قوات الأمن بممارسات تعسفية طالت مئات التونسيين، ما ألحق أضرارا بدنية ونفسية بالغة بالعشرات منهم، مطالبة السلطة القضائية بفتح تحقيق في هذه الممارسات.
من جانبها، نددت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة)، في بيان، بالطريقة التي تعاملت بها السلطة مع المتظاهرين.
واعتبرت أن هذه الطريقة تشكل إفراطا غير مبرر لاستعمال القوة، وحدا من الحريات العامة، وتراجعا عن الوعود التي تعهدت بها رئاستا الجمهورية والحكومة بشأن عدم المس بالحريات.
ودعت الرابطة إلى الإفراج الفوري عن كل الموقوفين على هامش المظاهرة والكف من كل ما من شأنه أن يمس الحريات.
تنديد أحزاب وهيئات حقوقية
وحذر حزب العمال (يسار) التونسي من تصاعد وتيرة قمع حرية التعبير في تونس منذ “انقلاب” يوليو/تموز 2021، وأدان إيقاف منسق الحزب لسعد بن حسين.
ودعا الحزب، في بيان، كل القوى الديمقراطية إلى التصدي إلى ما وصفه بـ”النهج القمعي الذي كانت أعمال العنف الوحشي المسلطة على المتظاهرين (الجمعة) بالعاصمة صورة من صوره البشعة”.
من جهتها، أدانت حركة النهضة التونسية بشدة ما سمته “الاعتداء على الرموز السياسية” ومنع المتظاهرين الرافضين لإجراءات الرئيس قيس سعيّد من التعبير بحرية عن آرائهم.
كما أكد بيان مشترك للحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي وحزب التكتل، عزمهم تقديم شكوى إلى النيابة العامة ضد وزير الداخلية، بسبب الاعتداء الشديد على المحتجين واختطافهم، مطالبين بتحقيق فوري وبالإفراج عنهم.
من جانبه، ندد حزب التيار الديمقراطي بـ”القمع الممنهج” وبـ”تطويع وزارة الداخلية لخدمة سلطة الانقلاب”. وقال في بيان إن الحزب يعتزم تقديم شكوى للنيابة العامة ضد وزير الداخلية.
وقد سجلت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، ما قالت إنه إفراط في استخدام القوة ضد المحتجين الذي خرجوا في مظاهرات الجمعة.
كما ندد مرصد الحقوق والحريات في تونس بما سماه العنف المادي والمعنوي والانتهاكات التي تعرض لها عدد من المواطنين الجمعة، وأعرب عن مساندته القانونية والحقوقية لكل الضحايا والمتضررين، كما جدد الدعوة لإبعاد المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية.
استنكار صحفي
وقالت نقابة الصحفيين التونسيين إن الصحفيين والمصورين تعرضوا لاعتداءات خطيرة وغير مسبوقة من قبل الأمن.
من جهتها، أدانت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تعرض مراسلها في تونس ماتيو غاليتي لضرب عنيف من قبل الشرطة أثناء تغطية مظاهرة ضد الرئيس قيس سعيّد، وقالت الصحيفة إن مراسلها منع من تغطية المظاهرة بعد الهجوم من قبل قوات الأمن.
وندّد نادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا، في بيان، بأعمال العنف الممارسة من قوات الأمن على الصحفيين، ووصف ما يجري للصحفيين في تونس بالعنف غير المسبوق منذ تأسيس نادي المراسلين الأجانب في شمال أفريقيا عام 2014.
رد الرئيس
في المقابل، رفض الرئيس سعيد خلال جلسة للحكومة ما وصفها بالمحاولات المشبوهة للتدخل في الشأن التونسي وأكد عدم التسامح مع من يحاول إسقاط الدولة.
تأتي هذه التطورات بينما تتوالى النداءات المطالبة بالإفراج عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري الذي بات على شفا الموت وفق عضو بهيئة الدفاع عنه.
وقال الرئيس سعيد إن الدولة التونسية واحدة وشعبها واحد وقوانينها واحدة، وأكد -خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء أمس السبت- أنه لن يتم التسامح مع من يحاول إسقاط الدولة أو توظيف مرافقها التي قال إنها يجب أن تظل عمومية ومحايدة.
المصدر : الجزيرة + وكالات