أخبار

جواز سفر بعد عامين وآخر بضعف الراتب.. إجراءات النظام تثير سخط وسخرية السوريين

يقع الراغبون في الحصول على جواز سفر بمناطق سيطرة النظام فريسة لعمليات تلاعب يقوم بها محتالون أو سماسرة يعملون على “بيع دور” إصداره بأساليب مختلفة، ووصلت قيمة بعض صفقات بيع الدور إلى 3 ملايين ليرة (ألف دولار).

خاص- “اعتقدت أول الأمر أن هناك خطأ في الموقع الإلكتروني، ولكن بعد مشاركتي صورة النتيجة على صفحتي بفيسبوك وتفاعل الأصدقاء معها، علمت أنني لست الوحيد الذي حصل على موعد لتجديد جواز سفره بعد عامين!”

هذا ما قاله السوري سامر (31 عاما) -للجزيرة نت- شارحا ما حدث معه حين طلب موعدا لتجديد جواز سفره على المنصة الإلكترونية التي أطلقتها وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري قبل أشهر بهدف تنظيم دور الراغبين في الحصول على جواز سفر أو استبداله أو تجديده.

وحصل سامر على موعد في فبراير/شباط 2024، أي بعد عامين و5 أشهر من تاريخ تسجيله الطلب. وقال “بإعطائنا مواعيد بعد عامين من تاريخ التسجيل، يبدو أن الحكومة تدفعنا (أي الراغبين في السفر) -وبطريقة غير مباشرة- إلى دفع مبلغ طائل لقاء حصولنا على جواز سفر فوري”.

وكانت وزارة الداخلية في حكومة النظام قد نشرت تعميما -عبر صفحتها على موقع فيسبوك يوم 24 مايو/أيار الماضي- نص على رفع رسوم الحصول الفوري على جواز السفر من 102 ألف ليرة (25 دولار) إلى 300 ألف (75 دولار).

وقال التعميم إن بإمكان من هم “بأمس الحاجة للحصول على جواز سفر” التقديم عليه واستلامه من مركز الهجرة والجوازات في اليوم نفسه لقاء المبلغ المعلن عنه.

سخط وسخرية

وشهدت الأيام الماضية موجة عارمة من السخط والسخرية أثارها السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقا على المواعيد التي أعطتها منصة الحجوز للراغبين في الهجرة خارج البلاد، وعلى قرار وزارة الداخلية رفع رسوم الحصول على جواز السفر بنسبة 200% متجاهلة تدنّي رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص، التي لا يتجاوز متوسطها 120 ألف ليرة (30 دولارا).

وتحدّد إدارة الهجرة والجوازات في حكومة النظام رسوم جواز السفر السوري غير المستعجل للمقيمين في مناطق سيطرة النظام بـ50 ألف ليرة (12 دولارا)، الذي بات يتطلب الحصول على دور في المنصة الإلكترونية، في حين تحدد رسوم جواز السفر الفوري بـ300 ألف ليرة بعد أن كان بـ102 ألف ليرة

ويقول حمزة (26 عاما)، وهو موظف عام من دمشق راغب في الهجرة، للجزيرة نت “حصلت على موعد من منصة الحجوز بعد عام و3 أشهر، وبالطبع لا يمكنني انتظار كل تلك المدة حتى أتمكن من السفر، وعليه فأنا مضطر الآن لدفع ضعف راتبي لأجدد جواز سفري، وهذا محبط للغاية”.

أما رهام (31 عاما)، وتعمل مصممة في شركة إعلانات بريف دمشق، فتبدي استعدادها لدفع 300 ألف ليرة لقاء حصولها على جواز سفر فوري، “هذا يبقى أفضل من أن أدفع 4 أضعاف المبلغ للسماسرة”، على حد قولها.

وتواجه السيدة الثلاثينية مشكلة في تحديد ما ترمي إليه عبارة “من هم بأمس الحاجة للحصول على جواز سفر” التي جاءت في تعميم الوزارة، حيث لم يتضمن أي معايير للتمييز بين من يشملهم القرار ومن لا يشملهم.

في حين أشار مصدر في وزارة الداخلية في حكومة النظام -لصحيفة الوطن (شبه الرسمية)- إلى أن القرار يشمل من هم “بحاجة فعلية لجوازات ولديهم ارتباطات ومواعيد سفر، ولم يتمكنوا من التسجيل على المنصة وتضررت مصالحهم”.

وأضاف المصدر أن التعميم جاء للحد من “السمسرات والإتاوات” وبيع دور على المنصات، مشيرا إلى أن هذا البدل سيذهب إلى خزينة الدولة.

في حين يقول الصحفي صهيب (49 عاما) -للجزيرة نت- إن قرار الوزارة الأخير لم يكن سوى محاولة للحد من الفساد الذي تفشّى على السطح، وأثير في وسائل الإعلام المحلية والعربية ولم يعد بالإمكان السيطرة عليه أو إخفاؤه “فالسماسرة غالبا مجرد وسطاء بين الموظفين والمسؤولين في دوائر الهجرة والجوازات والمواطنين”.تشغيل

أزمة متجددة

ويواجه السوريون صعوبات بالغة في الحصول على جوازات سفرهم أو تجديدها منذ أغسطس/آب العام الماضي. وتشهد مراكز الهجرة والجوازات في مناطق سيطرة النظام ازدحاما غير مسبوق نتيجة لأزمة استصدار جوازات السفر التي أرجعها وزير الداخلية في حكومة النظام، محمد رحمون، إلى أسباب فنية خارجة عن إرادة الوزارة، تمثلت في صعوبة الحصول على الأوراق والأحبار اللازمة لطباعة جوازات السفر التي يتم استيرادها من الخارج.

وعلى الرغم من تأكيد مدير إدارة الهجرة والجوازات في حكومة النظام، خالد سليم، وصول كمية من المواد الخام المطلوبة لطباعة جوازات السفر مطلع العام الجاري، غير أن أزمة الجوازات ظلت قائمة.

قطاع كبير من الشبان السوريين يتجه للهجرة نتيجة سوء الأوضاع المعيشية ولتفادي الخدمة الإلزامية في جيش النظام (غيتي)

تلاعب وسمسرة

ويقع من هم بحاجة ماسة إلى جوازات سفر فريسة لعمليات تلاعب يقوم بها محتالون أو سماسرة من خلال حجز أدوار قريبة الأجل على المنصة، أو أخذ دور بالوساطة المباشرة مع مسؤولي وموظفي الدوائر المعنية لاستصدار الجوازات بأسرع وقت، ووصلت قيمة بعض صفقات بيع الدور إلى 3 ملايين ليرة (ألف دولار).

ويعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام واقعا معيشيا وخدماتيا هو الأسوأ على الإطلاق منذ بداية الأزمة السورية عام 2011؛ حيث بلغت نسبة الفقر 90% بين السكان عام 2021، بينما يعاني اليوم 12.4 مليون سوري (نحو 60% من السكان) انعدام الأمن الغذائي، حسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة.

ويشكّل الشباب الشريحة الأوسع من الراغبين في الهجرة من مناطق سيطرة النظام نتيجة لتفشي البطالة وبلوغها مستويات غير مسبوقة، إضافة إلى رغبة الكثيرين منهم بتفادي الخدمة الإلزامية في جيش النظام مع استنفادهم لفرص التأجيل

.المصدر : الجزيرة

هل تريد التعليق؟