بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة أوروبية تشمل أوكرانيا وألمانيا، لبحث الجهود الدبلوماسية لتهدئة التوتر الناجم عن الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، في وقت جددت فيه روسيا التأكيد على ضرورة تلبية مطالبها تفاديا لأي تصعيد، وسط تحركات دبلوماسية هدفها تجنب حرب طاحنة.
وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن سيلتقي اليوم الأربعاء في كييف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولين آخرين، لتعزيز التزام واشنطن بسيادة أوكرانيا، على أن يلتقي غدا الخميس في برلين بوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ثم يعقد اجتماعا مع مجموعة حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) لبحث جهود ردع روسيا، واستعداد الحلفاء لفرض عقوبات مشددة عليها.
كما قال مسؤول في وزارة الخارجية إن بلينكن سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف بعد غد الجمعة.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت أن الوزير بلينكن بحث هاتفيا مع لافروف نتائج الحوار الإستراتيجي بين موسكو وواشنطن والمباحثات بين روسيا وحلف الناتو.
وقالت الوزارة إن بلينكن شدد خلال الاتصال على أهمية مواصلة المسار الدبلوماسي لتهدئة التوترات على خلفية الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا.
وأضافت الخارجية الأميركية أن بلينكن جدد التزام واشنطن الثابت بسيادة أوكرانيا، وشدد على أن أي مباحثات بشأن الأمن الأوروبي يجب أن تشمل الدول الأعضاء في حلف الناتو والشركاء الأوروبيين بما فيهم أوكرانيا.
مطالب روسية
من جانبها ذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أكد لنظيره الأميركي ضرورة تقديم الولايات المتحدة ردا مكتوبا بشأن مقترحات روسيا الأمنية في أقرب وقت ممكن.
ووفقا للخارحية الروسية، فقد حث لافروف بلينكن على إجبار كييف على الامتثال لاتفاقيات مينسك.
وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية أن لافروف أبلغ بلينكن أن موسكو بحاجة إلى ردود “محددة لكل مادة على حدة” من مقترحاتها “في أسرع وقت ممكن”، داعيا نظيره الأميركي إلى “التوقف عن إصدار تكهنات حول قرب عدوان روسي مزعوم”.
وقال لافروف في وقت سابق أمس الثلاثاء إنه لن تكون هناك مفاوضات أخرى حتى يقدم الغرب إجابات مناسبة.
لهجة مشددة
وشددت واشنطن لهجتها أمس الثلاثاء ضد موسكو، وقال البيت الأبيض إن روسيا مستعدة لهجوم محتمل على أوكرانيا يمكن أن يحدث في “أي وقت”، محذرا من أن الرد الأميركي سيشمل كل الخيارات.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحفيين بأن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”، محذرة من “وضع خطير للغاية”.
من جهته أجرى، أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا هاتفيا مع نظيره الفنلندي سولي نينيستو، وذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيسين ناقشا المخاوف المشتركة بشأن الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، إضافة لبحث أهمية الشراكة الدفاعية الوثيقة لفنلندا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو لضمان الأمن بشمالي أوروبا.
في السياق ذاته قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن واشنطن مستعدة لمواصلة المباحثات مع روسيا، لكنها على استعداد أيضا للرد بشكل قوي في حال غزوها الأراضي الأوكرانية.
وأضاف سوليفان لمجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) أنه بإمكان واشنطن وموسكو وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي العمل معا للتوصل إلى تفاهمات، وأن على موسكو اتخاذ قرارها بهذا الشأن.
أسلحة
في غضون ذلك، نقلت شبكة “سي إن إن” (CNN) التلفزيونية الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تبحث تزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة إذا قرر الرئيس الروسي غزوها.
كما نقلت رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن نشر قوات عسكرية روسية في بيلاروسيا يثير قلقا إزاء احتمال استخدام هذه القوات في غزو أوكرانيا.
وقد أعلنت الحكومة البريطانية أنها بدأت إمداد أوكرانيا بأسلحة ردا على ما وصفته بالسلوك الخطير المتصاعد من قبل روسيا.
وكان وزير الدفاع البريطاني بن والاس قد أطلع البرلمان البريطاني على مبيعات الأسلحة لأوكرانيا ونوعها، وقال إنه تم اتخاذ قرار بتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاعية خفيفة مضادة للدروع، وإرسال عدد من المستشارين العسكريين البريطانيين إلى كييف لتدريب القوات الأوكرانية.
وأكد والاس أن الأسلحة البريطانية ليست أسلحة إستراتيجية، وأن هدفها مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها ولا تشكّل أي تهديد على روسيا.
تحركات دبلوماسية
من جانبه قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف جاهز للحوار والاستماع لمخاوف روسيا، لكنه لن يتنازل عن مبادئه بشأن انضمام دول جديدة.
وأضاف ستولتنبرغ أن الحلف يدعم أوكرانيا على مستوى سياسي وسيادي، ويدعم تطوير مؤسساتها الدفاعية.
وتصل وزيرة الخارجية الألمانية إلى موسكو قادمة من العاصمة الأوكرانية كييف لتلتقي نظيرها الروسي لافروف، وتحذره من تكلفة باهظة لأي عدوان جديد على أوكرانيا.
وترى الوزيرة الألمانية أن الدبلوماسية هي الحل الوحيد للتوتر، وأن بلادها لن تتنازل عن مبادئها الأساسية.
ويؤكد لافروف من جهته أن بلاده لا تهدد أحدا ولا تقبل أي مطالب تتعلق بوجود قواتها داخل أراضيها.
ولا يغفل لافروف أن ثمة ورقة ضغط على الطاولة في اجتماعه مع الوزيرة الألمانية، وهي وقف العمل بمشروع “نورد ستريم 2”.
وبحسب لافروف، فإن تسييس المشروع ستكون له نتائج عكسية. و”نورد ستريم 2″ هو أكبر مشروع في العالم لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا وبقية الدول الأوروبية. ويقوم على نقل الغاز بخطوط أنابيب عملاقة في بحر البلطيق على مسافة 2230 كيلومترا.
ومن شأن البدء به تهميش أوكرانيا التي يمر أنبوب لنقل الغاز الروسي في أراضيها، وترى بعض الدول الأوروبية أن على برلين أن تتريث وألا تفصل ما هو سياسي وسيادي أوروبي عما له صلة بالطاقة.
دور تركي
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن بلاده على استعداد للقيام بأي دور من أجل خفض التوتر بين روسيا وأوكرانيا.
جاء ذلك في كلمة أمس الثلاثاء خلال مشاركته عبر اتصال مرئي في ندوة لمؤسسة “سيركل فاونديشن” البريطانية حول التبعات المحتملة للتوتر الروسي الأوكراني على أوروبا وحلف الناتو.
وأكد قالن أن تركيا لا تدعم أي عمل عسكري روسي ضد أوكرانيا أو أي صراع وحرب بين البلدين، وشدد على دعم أنقرة الكامل لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الاجتماعية.
وأضاف أن تركيا لا ترغب في اندلاع حرب جديدة، إذ إن العالم شهد حروبا عديدة مؤخرا مثل العراق وسوريا، داعيا روسيا وأوكرانيا إلى التهدئة.
المصدر : وكالات