مقالات

لا يريد الشعب إسقاط النظام

عقب الإفراج عن معتقلي الحراك، شهدت أجواء الاحتفال انفلاتا في الهتافات والمشاعر تجاوز ما كان متجاوزا قبل اعتقالهم. هذا كان متوقعا، والسؤال: هل تلك الهتافات تعبر عن وضع عاطفي مؤقت،

عقب الإفراج عن معتقلي الحراك، شهدت أجواء الاحتفال انفلاتا في الهتافات والمشاعر تجاوز ما كان متجاوزا قبل اعتقالهم. هذا كان متوقعا، والسؤال: هل تلك الهتافات تعبر عن وضع عاطفي مؤقت، أم عن مخطط واع؟ هل فعلا يريد هؤلاء الشباب وأنصارهم “إسقاط النظام”؟ <br/>تربطني صداقة شخصية باثنين من المعتقلين؛ رامي سحويل ومجدي القبالين، وقبل وبعد الاعتقال تحدثت معهما. كما لدي معرفة عامة بباقي المعتقلين الذين تحدثوا أمام الإعلام وفي مجمع النقابات بلغة واضحة عن خطهم الإصلاحي الجذري، وعدم تبنيهم لنهج إسقاط النظام، ليس خوفا أو تقية وإنما عن قناعة بجدوى وسلامة خطهم الإصلاحي. <br/>أيا كان الخلاف مع الموقوفين، فثمة ما يدفع إلى الإعجاب بتجربتهم. فهم يعبرون عن وحدة وطنية حقيقية؛ منهم من أصول فلسطينية ومن الجنوب ومن الشمال، إسلاميون وقوميون ويساريون ومستقلون. وثمة إصرار على السلمية رغم العنف الذي مورس ضدهم. <br/>ومن دراسة لحركات العنف من كردستان العراق إلى الأردن ومصر والمغرب وغيرها، فإن التعذيب في السجون عامل حاسم يدفع المضطهد إلى العنف والإرهاب. <br/>ما حصل مع المعتقلين العكس، خرجوا أكثر إصرارا على خطهم السلمي، مع عدم التنازل عن حقهم في كشف ومحاسبة ومقاضاة من مارس التعذيب ضدهم. ولعل الدرس الأساسي في قضية الموقوفين أن كرامة الإنسان خط أحمر لا يجوز انتهاكه، الإنسان بوصفه إنسانا، فوظيفة الأمن إيداعه إلى القضاء ولا يحق له أن يمارس دور القاضي. <br/>لا داعي للمزاودة في قضية الأمن، لا يوجد أحد لا يريد الأمن والاستقرار، والجميع مقدرون ومثمنون لدور القوات المسلحة وأجهزة الأمن في تحقيق الاستقرار. لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال تحصين العاملين في الأجهزة الأمنية. وقد سبق أن ثبتت محكمة التمييز وقائع التعذيب. وكان لممارسات التعذيب دور في تهديد الأمن وتوتير الأجواء في معان والرمثا والسلط وغيرها. <br/>لا يوجد تعذيب منهجي في السجون، لكن السكوت على التعذيب “غير المنهجي” سيجعله منهجيا. لا يحق لأحد أن يطلب “تأديب” متظاهرين بالضرب والتعرية والشتم؛ الذي يؤدب هو القانون وبأحكام القضاء. نحتاج إلى محاسبة وتربية وتثقيف، وهذا ينطبق على رجل الأمن وعلى المدرس، وعلى كل من يمتلك سلطة. <br/>إن الحريص على النظام عليه أن يسأل: لماذا ارتفع سقف الشعارات، ومتى؟ والإجابة ببساطة: عندما استخدم سلاح البلطجة في مواجهة المتظاهرين السلميين. كان ذلك في الكرك أول مرة، ثم تكرر في غيرها. ولم يعد سرا أن التغيير في الحكومة وفي المخابرات أوقف البلطجة بشكل كبير. <br/>يشكل الإفراج عن الموقوفين خطوة مهمة في مسار الإصلاح، بقدر ما شكل قانون الانتخاب تعثرا. لسنا بحاجة إلى ترقيع، ما هو أسوأ من مشروع القانون مناقشة النواب للمشروع، ولا يمكن لمجلس كهذا ولد بشكل غير ديمقراطي أن يخرج قانون انتخاب إصلاحيا، والأجواء تنذر بقانون أسوأ من مشروع القانون المقدم من الحكومة. <br/>لا أحد يريد إسقاط النظام، فلا يوجد هدف كهذا، ولا توجد قدرة على تحقيقه، ولا يوجد بديل للنظام. هذه قناعة راسخة وليست مشاعر حقيقية أو مزيفة. لكن هل توجد في المقابل قدرة على الإصلاح ورغبة فيه؟ <br/> <br/> <br/>الغد</p></div></h4>

About the author

ياسر أبو هلالة

Leave a Comment