أخبار

وسط ترقب للوساطة الأممية.. 4 مبادرات داخلية لحلّ الأزمة بالسودان

2022

الخرطوم- دون بوادر حلّ وشيك، تتزاحم التطورات على خارطة الأزمة السودانية المعقدة وتتعدد منابر ومقترحات الحل، ما بين مساع داخلية وتحركات دولية تسعى لمحاصرة الوضع في البلد الذي يعيش مرحلة انتقالية صعبة.

ومع ارتفاع ضحايا الاحتجاجات السلمية والاحتقان الشديد الذي بات السمة الأبرز للشارع السوداني، تبدو آفاق الحل شبه منعدمة، لينتظر السودانيون معجزة ما تنهي الوضع الراهن.

ولم ينعم السودان بالهدوء منذ إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي أطاح بموجبها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالشركاء المدنيين في السلطة، وهو ما أشاع موجة غضب واسعة لدى قواعدهم في الشارع مصحوبة بتوتر على الصعيد السياسي، كانت محصلته استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في 2 يناير/كانون الثاني بعد فشله في استعادة رضا حاضنته السياسية السابقة التي غضبت لاتفاقه الأحادي مع قائد الجيش في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وامتنعت عن التعاون معه.

وفي ذات الوقت، دفعت التعقيدات التي خلّفتها إجراءات البرهان العديد من الواجهات لطرح مبادرات ترمي لحل الأزمة. فبعد مبادرات محلية عديدة تطرح حلولا أبطأ مفعولها تحميل المسؤولية للعسكر علاوة على مغادرة عبد الله حمدوك للمشهد، التقطت بعثة الأمم المتحدة القفاز وأعلنت أنها ستنظم عملية سياسية واسعة لا تستثني حتى المكون العسكري ومناصريه من القوى والحركات المسلحة.

رئيس حزب الأمة القومي: قرارات “إزالة التمكين” ليست معصومة والبرهان تعهد بتسليم السلطة للمدنيين

ديسمبر شهر المبادرات

يمكن أن نطلق على ديسمبر/كانون الأول شهر المبادرات في السودان، فبعد أسابيع من ترقب نتائج إجراءات قائد الجيش، تقدم حزب الأمة القومي بخارطة طريق للحل، سبقها طرح أساتذة جامعة الخرطوم أيضا مبادرة، لحق بها المؤتمر الشعبي بمقترحات تحت اسم “تدابير الانتقال”، بينما قدم تجمع المهنيين والحزب الشيوعي مواثيق تتضمن رؤى للأزمة وعلاجها.

وعنون حزب الأمة مبادرته بـ”خارطة طريق: استعادة الشرعية واستكمال المرحلة الانتقالية”. والملاحظ أنها حاولت البناء على اتفاق البرهان حمدوك بحيث تنظر بنودها إلى المرحلة اللاحقة، وهو ما جعلها محل انتقاد قوى عديدة رفضت استصحاب العسكر في أي مشروع للحل، على الرغم من أن الخارطة تحدثت عن إدانة “الانقلاب” وانسداد الأفق بعد اتفاق 21 نوفمبر/تشرين الثاني لتكون المحصلة النهائية للوضع بعدها هو افتقاد الشرعية وانعدام الفرصة لاستكمال مهام الفترة الانتقالية حسبما جاء في الديباجة.

وتضمنت الخارطة التوافق حول العودة الكاملة إلى الوثيقة الدستورية، والالتزام باتفاق سلام جوبا، ووضع خارطة طريق لاستكمال هياكل الفترة الانتقالية، وتحدثت عن أن  آلية استئناف الشرعية الدستورية واستعادة مسار التحول الديمقراطي تكون عبر توحيد رؤى قوى الثورة الحية حول القضايا الأساسية، ومن ثم جلوس جميع شركاء الفترة الانتقالية في مؤتمر تأسيسي أو مائدة مستديرة بمراقبة إقليمية ودولية.

لكن الملاحظ أن مبادرة حزب الأمة توقفت بالإعلان عن استقالة رئيس الوزراء، بينما أكد قادة في الحزب للجزيرة نت أن لجانا فنية في الحزب تعكف على تسويقها وتطويرها لتكون هادية للمشاورات المرتقبة تحت مظلة الأمم المتحدة.https://www.facebook.com/v3.2/plugins/post.php?app_id=&channel=https%3A%2F%2Fstaticxx.facebook.com%2Fx%2Fconnect%2Fxd_arbiter%2F%3Fversion%3D46%23cb%3Df19869ecb5040a8%26domain%3Dwww.aljazeera.net%26is_canvas%3Dfalse%26origin%3Dhttps%253A%252F%252Fwww.aljazeera.net%252Ff10c2e132ca9cdc%26relation%3Dparent.parent&container_width=770&href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2F101700785699946%2Fphotos%2Fa.102164225653602%2F119913747211983%2F%3Ftype%3D3&locale=en_US&sdk=joey&width=552

مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم

بدورها أسست مبادرة جامعة الخرطوم مقترحاتها لحل الأزمة التي خلفتها إجراءات قائد الجيش والتبعات اللاحقة لاتفاق 21 نوفمبر/تشرين الأول -التي رفضتها بالكامل- على ضرورة توافق كل أطراف الصراع ومكونات الثورة الحية في السودان على مبدأ مشروع العدالة الانتقالية، ليكون ميثاقاً يفضي إلى اتفاق تاريخي.

وتركزت تفاصيل المبادرة على وحدة الصف الوطني لقوى الثورة من خلال تطوير إعلان سياسي متوافق عليه، ومن ثم تأسيس كيان لقوى الثورة، وتطوير إعلان دستوري للمُحافظة على مكتسبات الثورة، وإنجاح الفترة الانتقالية والوصول إلى التحول المدني المُستدام، وهي تقريبا ذات النقاط التي تضمنتها مبادرة حزب الأمة.

ومن هذا المنطلق، طرحت مبادرة أخرى لمديري الجامعات السودانية، تأسست على توحيد كل المبادرات في مصفوفة واحدة وفق محاور تشمل الاستحقاقات الدستورية، والسلام، والإجراءات القانونية والدستورية، والعمل على صياغة وثيقة تجمع كل القوي السياسية السودانية، بهدف إيجاد حل منطقي ومقبول للأزمة.

وتهدف المبادرة إلى تقديم خارطة طريق للوصول إلى اتفاق على الحد الأدنى لحل الأزمة السياسية بالبلاد، كما تشير إلى أنها تسعى لإيجاد حوار فاعل بين أطراف المكون المدني.

وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن بعثة الأمم المتحدة التي بدأت مشاورات مع الأطراف السودانية للمساهمة في الحل، أجرت اتصالات بأساتذة الجامعات لتكون جامعة الخرطوم مقرا للمشاورات المرتقبة، على أن تتوزع الاجتماعات واللقاءات بين مقار جامعات أخرى باعتبارها تمثل ترجمة فعلية للحياد والرغبة في إيجاد أرضية بين كل المكونات المشاركة في الحوار.

U.N. Special Representative in Sudan Volker Perthes speaks during a news conference in Khartoum

ماذا تطرح الأمم المتحدة؟

تقول البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان إنها لن تطرح مسودة حل للأزمة السودانية، لكنها ستبتدر مشاورات حول عملية سياسية شاملة بين السودانيين لكيفيّة المضي قدما من أجل الديمقراطية والسلام، بما يمهد الطريق لعملية يمكنها تأمين اتفاق بين مختلف القوى السياسية والمدنية والعسكرية حول كيفيّة المضي قدما نحو الانتقال الديمقراطي في السودان.

ورغم التعاطي الايجابي مع ما تطرحه الأمم المتحدة، لكن اعترافها الضمني بواقع ما بعد إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول وتأمينها على الشراكة مع العسكريين في إدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، يقلق واجهات عديدة، خاصة لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين اللذين يديران الحراك الجماهيري في الشارع ويتمسكان بإبعاد المكون العسكري.

أما موقف تحالف قوى الحرية والتغيير فكان واضحا في رده على مبادرة الأمم المتحدة، بقوله إنها يجب أن تهدف إلى “إنهاء الوضع الانقلابي” وإجراء ترتيبات دستورية جديدة، كما دعا إلى توسيع المبادرة بإنشاء آلية دولية رفيعة المستوى تمثل فيها الأطراف الإقليمية والدولية بشخصيات نافذة.

ولذا تبدو مهمة المنظمة الدولية ومؤيديها غاية في التعقيد، من واقع عدم قبول طيف سياسي واسع بالشراكة مع العسكر أو التفاوض معهم من جديد، بل يميل هؤلاء إلى الترويج لوضع دستوري جديد يذهب فيه العسكر إلى الثكنات.تشغيل الفيديومدة الفيديو 02 minutes 34 seconds02:34

رؤية المؤتمر الشعبي

سجل المؤتمر الشعبي -الذي كان يتزعمه الراحل حسن الترابي- موقفه المبدئي المناوئ للانقلابات العسكرية لكونها ستقود إلى تعطيل حركة التغيير الديمقراطي في البلاد، حسبما جاء في مبادرته التي قال إنها تؤسس لتدابير الانتقال للفترة من ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى يوليو/تموز 2023، وهو الميقات المحدد لإجراء الانتخابات.

كما دعا جميع القوى الوطنية إلى موقف مبدئي موحد لمناهضة الانقلابات العسكرية، وإلى تطوير رؤية وطنية موحدة للتعامل مع الراهن، ومع ذلك دعا أيضا المؤسسة العسكرية إلى الجلوس مع القوى الوطنية الأخرى للوصول إلى الصيغة الأمثل لمنع انزلاق السودان نحو مصير لا يمكن التنبؤُ به.

فكانت النتيجة التوصل إلى الاتفاق السياسي الموقع في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو الاتفاق الذي بنى عليه المؤتمر الشعبي مقترحه لتدابير الانتقال، وأجرى على أساسه مشاورات واسعة مع قوى حزبية عديدة غالبها حتى الآن من الموالية للعسكر، وهو ما يصعب من فرص خلق إجماع واسع حول مبادرته، خاصة بعد التطورات الأخيرة في الشارع بارتفاع ضحايا المتظاهرين السلميين

.المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *