الرئيسية » المدونة » علي العريض نائب رئيس النهضة للجزيرة نت: أقررنا بأخطائنا في الحكم لكن نرفض أن نكون كبش فداء

علي العريض نائب رئيس النهضة للجزيرة نت: أقررنا بأخطائنا في الحكم لكن نرفض أن نكون كبش فداء

يتحدث علي العريض نائب رئيس حركة النهضة ورئيس الحكومة السابق -في حوار خاص مع الجزيرة نت- عن مستقبل البلاد والحركة بعد تمديد الرئيس التونسي قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية واستمرار تجميد عمل البرلمان، كما يقدم رؤيته للحلول الممكنة لخروج تونس من أزمتها، ومن بينها تنحي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن رئاسة البرلمان.

  • ما موقفكم من قرار الرئيس قيس سعيّد تمديد الإجراءات الاستثنائية واستمرار تجميد عمل البرلمان؟

اقرأ أيضابين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية.. هل يمكن للرئيس التونسي تعليق العمل بالدستور؟تونس.. تعيينات قيس سعيّد الأمنية تشعل مواجهة بين “ضحايا الاستبداد وجلاديهم”انقلاب أم “شبه انقلاب” أم “برشا قانوني”.. ماذا حدث في تونس؟محللون تحدثوا للجزيرة نت.. ما دلالات دعوة حركة النهضة التونسية للحوار؟

القرار كان متوقعا، ولكن التأويلات كانت تذهب نحو مضيه في تعليق الدستور أو نحو طرح خارطة طريق والإعلان عن رئيس حكومة وكل هذا لم يحصل، الرئيس أخذ كل الصلاحيات وألغى عمليا عمل المؤسسات، وهو ما سيزيد في ذهاب البلاد نحو الشلل والمجهول والفوضى بكل أنواعها.

نحن حتى اللحظة لا زلنا نقول إن قيس سعيد رئيس شرعي رغم تقديرنا أنه خرج عن الدستور في جزء كبير منه، ونقول إنه مهما كانت نوايا الحكام والقادة إذا تجمعت لديهم السلطة فإنهم يتحولون إلى مستبدين، والتاريخ شاهد على ذلك.blob:https://www.aljazeera.net/571904f1-e3df-401e-b511-61cf28782ea0تشغيل الفيديو

  • كثيرون يحمّلون النهضة مسؤولية ما يحدث اليوم بسبب عدم إرسائكم المحكمة الدستورية طوال السنوات الماضية ليتمكن الرئيس بعدها من استغلال هذا الفراغ القانوني ويصبح المؤِّول الوحيد للدستور.. ما رأيكم؟

أسهل شيء تحميلنا المسؤولية، لكن حتى في حال لم توجد المحكمة الدستورية، فليس هناك ما يبرر تجاوز الدستور، وهذا لا أقوله أنا بل أجمع عليه خبراء القانون الدستوري. مع الأسف، هناك فكرة يراد تكريسها من باب المغالطة؛ وهي أن النهضة المسؤولة الوحيدة عن هذا الوضع، والحال أن بعض دواليب الدولة كانت معطلة بسبب رئيس الجمهورية نفسه، وأتساءل هنا: لماذا لا يتم تحميله المسؤولية أيضا، وهو الذي منع الوزراء من العمل حين رفض أداءهم اليمن الدستورية، وحين رفض التشاور مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان؟

أقول أيضا إنه مهما حاول الرئيس التنصل من المسؤولية فهو يبقى أحد المساهمين في ما آلت إليه الأوضاع، وأرى أن محاولة كثيرين تلبيس حركة النهضة مسؤولية الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو نوع من الشعبوية.

  • لكن حركة النهضة اعترفت في بياناتها وعلى لسان قياداتها بتحملها جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع؟

نحن لا ننكر أننا كنا جزءا من السلطة، ولكن ما نرفضه هو العقلية التي تريد أن تختزل 10 سنوات من الحكم في النهضة وتلبيسها كل الأخطاء، كأنه لم يحكم أحد غيرها. وعلى كل حال، نحن اعترفنا بأخطائنا ونسعى للإصلاح والتدارك، فيما لا أرى صراحة أي حزب أو رئيس أو منظمة اجتماعية تقر بأخطائها.

شيء آخر مهم، وهو أن النهضة بصدد القيام بمراجعات، ونضع نصب أعيننا المؤتمر الانتخابي القادم، ونريد أن نراجع سياستنا وخطاباتنا، لكننا نرفض أن نكون كبش فداء وشماعة يعلق عليها غيرنا أخطاءه وإخفاقاته.

  • هل تتضمن المراجعات مصير الغنوشي على رأس الحركة؟

الشيخ راشد كان واضحا، وأكد أنه لن يترشح مجددا لرئاسة النهضة بعد أن أنهى العهدتين، حسب نص القانون الأساسي للحركة.

  • هناك من يرى أن مواقف النهضة وبياناتها متخبطة، وفيها تناقض؛ فبعد توصيفكم ما حدث بأنه انقلاب لاحظنا توصيفا آخر في تدوينة منسوبة للغنوشي دعا خلالها إلى جعل “إجراءات 25 يوليو فرصة للإصلاح”؟

حين أعلن الرئيس قيس سعيّد قراراته يوم 25 يوليو/تموز كنا في ندوة صحفية، واعتبرت أنا وقيادات أخرى أن ما حدث انقلاب وخرق للدستور، وهو فعليا التوصيف القانوني الصحيح، لكننا بعدها انطلقنا في البحث عن المخارج السياسية. وأوضح هنا أن أحد الأخوة في النهضة اجتزأ كلام الغنوشي من سياقه، ونشر تدوينة عبر الصفحة، ليتم بعد ذلك حذفها تجنبا لأي فهم خاطئ.

  • ما موقفكم من قول الرئيس صراحة إن البرلمان خطر جاثم على الدولة وألا تعد إشارة إلى الذهاب والتمهيد لحله؟

أرى أنها مؤشرات سلبية غير مطمئنة بشأن مصير هذه المؤسسة السيادية، ويمكن القول إن البرلمان ارتكب أخطاء وأعطى صورة سيئة عن الديمقراطية، لكن مثلما كان هناك عنف لفظي داخله، لم ينفك رئيس الجمهورية من جانبه عن بث خطابات العنف والتحريض والتخوين.

  • هل تشاطر -ولو نسبيا- ما ذهب إليه كثيرون حتى من داخل النهضة بأن ترشح الغنوشي لرئاسة البرلمان كان أكبر غلطة دفعت بموجبها الحركة والبلاد ثمنا غاليا؟

رئيس الحركة استشار عددا من الإخوة في المجلس في الترشح من عدمه، وأخذ برأيهم، لكن وسط ذلك علينا أن نقر بوجود استهداف ممنهج لأي قيادة نهضوية تتبوأ منصبا ساميا في مؤسسات الدولة، وتضاعف ذلك بوجود شخصية لها رمزية سياسية وتاريخية كالشيخ راشد، وفي تقديري الخاص نحن لسنا متمسكين ببقاء الغنوشي على رأس البرلمان، وسنقوم بتقييم تلك الفترة، ولو وجدنا أن تنحيه عن هذا المنصب سيمثل بداية نحو الانفراج والعودة إلى ما قبل 25 يوليو/تموز فنحن مستعدون لمناقشة الأمر.

من المهم أن أوضح أيضا أننا حين طالبنا رئيس الجمهورية بضرورة إنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية والعودة للوضع العادي لم نكن نقصد عودة البرلمان كما كان، أو أن تعود الحكومة كما كانت، وإنما يعود البرلمان بالتزامات متبادلة، ومن سيسيره، وكيف سيتم العمل داخله؛ وكلها أمور تُناقش لأن هدفنا هو بقاء الديمقراطية.

  • في تصوركم، كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة في ظل ما يوصف “بتعنت” الرئيس ورفضه الحوار مع الأحزاب ومع النهضة خاصة؟

الحل باعتقادي هو مطالبة الرئيس من قبل المنظمات الوطنية والشخصيات السياسية والحزبية باختصار هذه المدة الاستثنائية، وننبه إلى أننا ذاهبون نحو حكم فردي استبدادي دكتاتوري مهما كانت نوايا الرئيس، أقول أيضا إن الدستور التونسي يمكن تغييره من الداخل وتعديله بالديمقراطية، لكن عملية الإكراه التي يمارسها الرئيس ستقودنا نحو المجهول.

  • هناك من يرى أن مشروعية سعيّد التي اكتسبها بشعبية كاسحة قاربت 90% حسب آخر استطلاع للرأي كافية لإلغاء شرعية الدستور، ما رأيكم؟

لا يوجد مقياس للمشروعية أو الشرعية من دون اللجوء لصناديق الاقتراع، أما استطلاعات الرأي فهي متغيرة، وفي حال أراد أي شخص التغيير فهناك آليات ديمقراطية، بعيدا عن النزعة الفردية والرغبة في تجميع السلطات.

  • سادت حالة من الغضب بين قواعدكم بعد البيان الذي أبديتم خلاله استعدادكم لاتخاذ إجراءات تأديبية ضد كل من تثبت إساءته لرئيس الجمهورية عبر شبكات التواصل، وهناك من ذهب إلى أن قيادات الحركة ترمي مجددا بأنصارها في المحرقة كلما ضاق بها الخناق بحثا عن الخلاص الفردي؟

أتفهم بعض الذين ذهبوا إلى هذا التفسير، لكن البيان لم يقصد ذلك أبدا؛ الثابت أن الحركة لاحظت نزوع بعض الأطراف نحو الثلب والتحريض والمس في أعراض الناس، بمن فيهم رئيس الجمهورية وعائلته عبر الشبكات الاجتماعية، بالتالي كان لا بد من إدانة هذا السلوك والتنبيه إليه، حتى لا يقع الانزلاق من بعض أبناء الحركة لذلك التوجه من باب الحماسة، ونذكر أننا عانينا من حملات التشويه والثلب، وبالتالي لا يمكن أن ننهى عن فعل ونفعل نفسه.

  • لكن ألا يفهم من البيان أن النهضة كأنها في موقع دفاع عن النفس، وأن مضمون البيان فيه نوع من “الجبن السياسي والخوف”، حسب توصيف كثيرين حتى من قواعدكم؟

فلنقل إنه نوع من الدفاع، في ظل وجود محاولات “لشيطنة” النهضة من بعض المحيطين بالرئيس قيس سعيد وتأليبه عليها، لا سيما من الخط الاستئصالي، سواء من بعض وجوه النظام السابق أو من منظمات اجتماعية أو من أحزاب قريبة منه تدفعه نحو استئصال النهضة وتعليق العمل بالدستور، وهو أيضا نوع من الخوف المشروع على البلاد، ومن خسارة كل المكتسبات الديمقراطية.

  • قيادات من شورى حركة النهضة من المحسوبين على “مجموعة المئة” والغاضبين على أداء الغنوشي؛ رأوا أن حله المكتب التنفيذي من دون أن يعلن تخليه عن القيادة وتكليف شخصية أخرى بإدارة الأزمة السياسية والداخلية للحزب مراوغة سياسية.. ما ردكم؟

أنا بشكل عام لا أرتاح لإخراج نقاشات المطبخ الداخلي للحركة للعموم، وأعتبرها خطأ، لكن أقول إن هناك آراء متنوعة داخل الحزب، وتحديدا في علاقته باستمرارية العمل بالمكتب التنفيذي الحالي أو الحاجة لطريقة إدارة وقيادة استثنائية تتلاءم مع الظرفية الحالية، فكان منا من قدّر أنه لا بد من حله في حينها، في حين استقر رأي آخرين -ومنهم رئيس الحركة- على التريث، وتم أخذ قرار الحل منذ أيام، وهي فقط تقديرات واجتهادات سياسية.

  • البعض يلاحظ أن حركة النهضة وقواعدها الذين خرجوا بالآلاف في أكثر من مناسبة دفاعا عن الشرعية والديمقراطية -كما يقولون- سلموا بالأمر الواقع بسهولة، فهل يعزى ذلك إلى قرار مدروس أو أن النهضة لم تعد تملك الشارع كما كانت تقول دائما؟

أذكر فقط بأننا من لقينا صدورنا قبل غيرنا لحماية الديمقراطية في أكثر من محطة، وتنازلنا عن حقوقنا وعن مناصبنا وهو ما كلفنا الكثير، أما عن عدم تحريك قواعدنا فهناك معطيان اثنان: الأول أن جزءا كبيرا من التونسيين فرحوا بقرارات الرئيس بوضعه حدا لذلك الوضع السيئ الذي لا يمكن أن يستمر. والمعطى الثاني أن النهضة استشعرت أن قيامها بأي تحرك شعبي أمام البرلمان سيتم استغلاله وترصده من أطراف معلومة كحجة ضدنا لدفع البلاد نحو التقاتل والفوضى.

أؤكد أيضا أن عدم استعمال النهضة للشارع حتى اللحظة لا يعني أنها فقدت قواعدها وشعبيتها، لكنه تقدير لوضعية البلاد والبحث عن حلول سلمية.

  • البعض علّق على مشهد للغنوشي ليلة 25 يوليو/تموز وهو يطلب من جندي بأن يفتح له بوابة البرلمان، ليرد عليه بالرفض، بأنه صورة مهينة له ولتاريخه؟

بل هي صورة مهينة لتونس وليست للغنوشي، وستبقى في التاريخ لرجل كبير في السن ورئيس للبرلمان يقف أمام المؤسسة التشريعية التي يترأسها طالبا الإذن من جندي للدخول، فيرفض طلبه من جيش وطني وظيفته الأصلية حماية المؤسسات السيادية ومنها البرلمان، وأتساءل هنا: لماذا زُجّ بالجيش في تلك الواقعة؟ رغم أنه كان بالإمكان أن يقوم الأمن بتلك المهمة، ومن المؤكد أن لذلك دلالات.blob:https://www.aljazeera.net/a6d7cb50-04a8-4e9b-9839-1a2a4a8188acتشغيل الفيديو

  • هناك من يقول إن الرئيس قيس سعيد تمكن من استمالة الجيش والأمن إلى صفه، وباتت المؤسستان “مضمونتين”، فما رأيك؟

الثابت أن جيشنا وطني، وأمننا جمهوري، وهما بعيدان كل البعد عن أي نشاط سياسي، لكن لا ينبغي الزج بهما في أعمال غير دستورية، لأنه أمر مخرب للديمقراطية.

النوايا الطيبة وحدها ليست ضامنة لعدم الانحراف بالسلطة، لا بد أن تبقى المؤسستان الأمنية والعسكرية كما عهدناهما على الحياد والبعد عن التوظيف والتوريط، وننبه إلى أنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فقد تجد هاتان المؤسستان نفسيها مطلوبتين في تأدية أدوار ليست لهما.

  • ما موقفكم من الاتهامات التي جاءت على لسان بعض الصحف التونسية، واتهامكم بالتآمر مع دول صديقة لاغتيال الرئيس وتنفيذ أعمال إرهابية؟

اتخذنا الإجراءات القانونية ضد الصحيفة المحلية وكاتب المقال، لما يمثله الأمر من تحريض على حرب أهلية وعلى الإساءة لعلاقاتنا مع دول شقيقة وصديقة من دون مبرر.

الجيد أن وزير الخارجية التونسي نفى تلك الاتهامات والإشاعات المغرضة، لكن ذلك وحده لا يكفي، والأصل فيه توضيح من رئيس الجمهورية باعتبار أن جميع السلطات في يده، حتى لا يفسر صمته بشكل مغاير، وكان عليه اتخاذ إجراءات ضد كل من تسول له نفسه التلاعب بالأمن القومي التونسي وبعلاقاتنا الخارجية.المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *